للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإنتاج والتوزيع. ونمو السكان نتيجة لازدياد موارد الطعام أتاح سوقاً داخلية متضخمة للزراعة والصناعة، وشجع على صنع آلات أحسن وشق طرق أفضل. وقد تطلبت الآلات المهارات، مما أفضي إلى تخصص وتقسيم للعمل نهضاً بالقوة الإنتاجية. وقد جلب الهيجونوت وغيرهم من المهاجرين إلى إنجلترا ما استنقذوه من مدخراتهم كما جلبوا إليها حرفهم، ومخترع أول آلة للنسيج (١٧٣٨) كان سليلاً للهيجونوت. وكان لتقرير البرلمان تعريفات جمركية حامية (كقانون الكاليكوت- أي الشيت- الصادر في ١٧٢١، والذي حرم استعمال الشيت المطبوع المستورد) الفضل في الحد من المنافسة الأجنبية، وإتاحة السيطرة الكاملة لصناعة النسيج الإنجليزية على السوق الداخلية، في حين أعان نفوذ التجار المتزايد في التشريع على توسيع الاقتصاد البريطاني. وشجعت التقاليد البيورتانية- التي ستدعمها بعد قليل حركة المثوديين- فضائل الجد والإقدام والاقتصاد في الطبقات الوسطى والدنيا وتراكم رأس المال، وأجيز الإثراء، وبدا أن الله اختص البورجوازية بنعمته.

وأتاح تطوير التعدين في الوقت ذاته موارد متزايدة من الفحم وقوداً للصناعة. وكان الخشب إلى ذلك الحين هو الوقود الأهم للبيوت والمتاجر، ولكن الغابات كانت تتضاءل حتى أوشكت على الانقراض، فمن بين تسع وستين غابة كبيرة عرفتها إنجلترا الوسيطة، اختفت خمس وستون بحلول القرن الثامن عشر (٩). واقتضى الحال استيراد الخشب من إسكندناوة أو أمريكا، وكان يكلف أكثر فأكثر، وظهر الطلب على وقود أرخص. ولكن تعدين الفحم كان لا يزال عملية بدائية، وكانت المناجم ضحلة، والتهوية رديئة، والميثان وغاز الكربون يخنقان المعدّنين، وظلت مشكلة ضخ المياه من المناجم بلا حل حتى جاءت آلات سافري ونيكومن البخارية. والواقع أن هذه المشكلة كانت أكبر حافز لتطوير هذه الآلات. على إنتاج الفحم تصاعد وانتشر رغم هذه الصعوبات، فما وافى عام ١٧٥٠ حتى كان الفحم الذي يشعل في البيوت والمصانع يحجب سماء لندن (١٠).

كانت أهمية الفحم للثورة الصناعية تكمن بوجه خاص في استعماله