للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت حجة أصحاب العمل أن عمالهم لا يستحقون أكثر من هذه الأجور، لأنهم أدمنوا الكسل والسكر والاستهتار والفجور. وزعم أحدهم (١٧٣٩) أن السبيل الوحيد لجعل العمال عيوفين مجدّين "أن تفرض عليهم ضرورة الكد طوال الوقت الذي يستطيعون اقتطاعه من الراحة والنوم ليحصلوا على الضروريات العادية للحياة (١٦) ". وقال كاتب في ١٧١٤ "ليس للفقراء ما يحفزهم للخدمة النافعة سوى الحاجة، وهذه حال من الحكمة تخفيفها، ولكن من الحماقة شفاؤها (١٧) " أما يوم العمل العادي فيمتد من إحدى عشرة ساعة إلى ثلاث عشرة، ستة أيام في الأسبوع، ويهوّن من طول هذه الفترة ساعة ونصف لتناول الوجبات، ولكن المتباطئين بلا مبرر في تناولها يفقدون ربع أجر اليوم (١٨). وشكا أصحاب العمل من أن عمالهم يتوقفون عن العمل ليختلفوا إلى المهرجانات، أو مباريات الملاكمة التكسبية، أو مشاهد الشنق، أو الاحتفالات بأعياد القديسين الشفعاء. ورغبة في حماية أنفسهم من هذه المخالفات وأشباهها كان أصحاب العمل يحبون أن يكون لديهم رصيد من العمال المتعطلين في المنطقة، يستطيعون أن يعتمدوا عليه في الطوارئ أو أوقات الطلب المتزايد (١٩). فإذا كسدت الأحوال كان في الإمكان تسريح العمال وتركهم ليعيشوا على قروض من التجار المحليين.

ونشأت في المدن ببطء برولتاريا تابعة. وكانت تجمعات الطبقة العاملة محظورة بمقتضى قانون قديم أصدره أدوارد السادس، فجدد البرلمان هذا الحظر في ١٧٢٠. ولكن عمال اليومية مضوا في تنظيم أنفسهم، ولجئوا إلى البرلمان لتحسين أجورهم، وأصبحت اتحادات هؤلاء العمال- لا الطوائف الحرفية- هي الرائدة لحركة النقابات العمالية التي تشكلت في إنجلترا في نهاية القرن الثامن عشر. وفي ١٧٥٦، بناءً على التماس من عمال النسيج في جلوسترشير، أمر مجلس العموم قضاة الصلح بالمحافظة على الحد الأدنى القانوني للأجر، ويمنع تخفيض الأجور في الصناعة، ولكن هذا المر سحب بعد عام، واتخذ البرلمان سياسة ترك تحديد الأجور للعرض والطلب على العمل (٢٠). لقد بدأ عهد "المشروع الحر" وسياسة "عدم التدخل Laissez- Faire".