للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هـ - النقل والتجارة

توقف نمو الاقتصاد على التحسينات في المواصلات والنقل. وكانت إنجلترا تتمتع بميزة ساحلها البحري وأنهارها، وكان نصف السكان يعيشون على أبعاد معقولة من البحر، ويستطيعون استخدامه في نقل السلع؛ وتغلغلت الأنهار مسافات بعيدة من الداخل، فأتاحت بذلك طرقاً مائية طبيعية. ولكن حال الطرق الإنجليزية كانت دائماً قذى في عين الحياة الإنجليزية. فتربة هذه الطرق لينة، وأخاديد صلبة يغمرها الماء، وكثير منها حولته أمطار الربيع أو الصيف إلى نهيرات أو بالوعات من الوحل كان المرور عليها عسيراً بحيث اقتضى إخراج المركبات من فوقها استخدام أعداد إضافية من الخيل والثيران، وكان على المسافرين على الأقدام أن يتحولوا إلى الحقول والغابات القريبة. ولم تتكفل الحكومة، لأغراض حربية، ببناء مجموعة من الطرق الرئيسية "صالحة لمرور الجنود والخيل والمركبات على مدار السنة (٢١) " (١٧٥١) إلا بعد أن قاد "الأمير تشارلي الجميل" رجاله الاسكتلنديين الثائرين وأوغل جنوباً حتى داربي في ١٧٤٥، لأن حالة الطرق عرقلت مسيرة القوات الملكية الموجهة ضده. ومع ذلك ظل اللصوص يعيشون فساداً في الطرق، وكانت تكاليف النقل غالية.

وكان الناس يسافرون على ظهور الخيل أو في مركباتهم الخاصة إذا استطاعوا إلى ذلك سبيلاً. وكان في إمكانهم استئجار الخيل الجديدة في نقط أو مواقع على الطريق Posts في الرحلات الطويلة، وانتشرت هذه البيوت Post- houses في جميع أرجاء أوربا الغربية. ثم استخدمت كلمة "بوست" (البوسطة) للدلالة على نقل البريد، لأنه في مثل هذه النقط كان حاملو البريد يستطيعون تسليم البريد أو تسلمه وتغيير الخيل؛ وبفضل هذا النظام أمكنهم أن يقطعوا ١٢٠ ميلاً في اليوم. ومع ذلك كتب تشسترفيلد (١٧٤٩) يشكو الحال "إن رسائلنا على أحسن تقدير تنقل نقلاً مضطرباً، وكثيراً ما تضيع تماماً (٢٢) ". وذهب إلى أن من "السرعة غير المألوفة" أن يستغرق خطاب مرسل من فيرونا ثمانية أيام ليصل إلى لندن. وكان أكثر السفر بالمركبات العامة يجرها جوادان أو أربعة ولها سائق وحارس