الجريمة. أما السبب الثاني في رأي الروائي العظيم فهو الزيادة في استهلاك الجن. يقول:
"إن شراب الجن هو القوت الرئيسي (إن جاز لنا أن نسميه كذلك) الأكثر من مائة ألف شخص في هذه العاصمة. وكثير من هؤلاء التعساء يترعون عدة أكواب من هذا السم خلال أربعة وعشرين ساعة، ومن سوء حظي أنني أرى وأشم أيضاً كل يوم ما يخلفه هذا من آثار رهيبة (٧٦) ".
وأما السبب الثالث هو القمار، والرابع قصور القوانين، فقد ترك مهمة القبض على المجرمين لحراس أو خفراء:
"يختارون من بين أنس فقراء، شيوخ، عجزة … يطلب إليهم وهم لا يحملون من السلاح غير عمود لا يكاد يقوى بعضهم على رفعه، أن يؤمنوا أشخاص رعايا صاحب الجلالة وبيوتهم من هجمات عصابات أوغاد صغار السن، شجعان، أشداء، مستهترين، مدججين بالسلاح (٧٧) ".
وحتى إذا لم يرهب الحارس عنف اللصوص، فإن في الإمكان رشوته، وكذلك الضابط الذي يرفع إليه بلاغاته، وكذلك القاضي الذي يأتيه الضابط بمجرم. وكانت واجبات الشرطة في لندن موكولة إلى ١. ٠٠٠ ضابط، و٤٧٤ معاوناً، و٧٤٧ حارساً. وبين القبض والإدانة قام ٢. ٢١٤ محامياً بلندن بعضهم ذوو ثقافة قانونية ونزاهة معقولة، وبعضهم لم يبلغوا هذا المبلغ تماماً. قال الدكتور جونسون في رجل برح الغرفة لتوه، إنه "لا يحب أن يغتاب إنساناً، ولكنه يعتقد أن الرجل محام (٧٨) ".
ولم يوافق فيلدنج على رأي كوك الذي ذهب غلى أن "حكمة جميع الحكماء في العالم، لو اجتمعوا معاً في وقت واحد، ما كانت لتعدل" فضائل الدستور الإنجليزي. ولعله كان يسلم بأن ذلك الدستور