للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان يسمح للمتهم بأن يوكل محامياً إذا كان ميسور الحال، وللمحامي أن يستجوب شهود الادعاء، ولكن لم يكن مسموحاً له أن يوجه خطابه إلى المحكمة، فهذا متروك للسجين، الذي كثيراً ما كان ضعف بدنه أو عقله يعجزه عن تقديم دفاعه. فإذا برئ رد إلى السجن حتى يدفع كل "البقاشيش" التي يفرضها عليه الحراس لقاء خدماتهم، وقبل أن يلغي هذا النظام في ١٧٧٤ كانت هناك عدة حالات لرجال ماتوا في السجن بعد أن برئت ساحتهم. أما إذا أدين السجين فإنه يواجه قانون عقوبات من أقسى ما عرف في تاريخ القضاء.

لقد كان هذا القانون يفضل ما سبقه، كما يفضل الإجراءات المتبعة في القارة الأوربية، بتحريمه التعذيب والعقاب على الدولاب، ولم يعد يجدع الأنوف أو يصلم الآذان. ولكن فيما عدا ذلك كان يتسم بكل الوحشية التي كان الإنجليز الشديدو المراس يومها يرونها ضرورية للسيطرة على جموح الإنسان الفطري. فإذا كانت العقوبة هي الجلد في ذيل عربة تجر في الشوارع، كان منفذها أحياناً يتلقى مبلغاً إضافياً، يجمع من المتفرجين، لكي يضاعف من شدة ضربات سوطه (٧٩). وكان السجين الذي يرفض الإجابة في تهمة كبرى يطرح بحكم القانون على ظهره عارياً في حجرة مظلمة، وتوضع أثقال من الحجر أو الحديد على صدره إلى أن يعصر عصراً أو تزهق روحه (٨٠)، على أن هذا القانون لم ينفذ بعد ١٧٢١، ثم ألغي في ١٧٧٢.

وطوال القرن الثامن عشر أضافت قوانين أصدرها البرلمان إلى عدد الجرائم التي يعاقب عليها القانون بالموت. ففي ١٦٨٩ كان عددها خمسين، وفي ١٨٢٠ ارتفع إلى ١٦٠. فالقتل، والخيانة، والتزييف وحرق الممتلكات عمداً، وهتاك العرض، واللواط، والقرصنة، والتهريب المسلح، والتزوير، وتدمير السفن أو إشعال النار فيها، والتفليس بالتدليس، وقطع الطريق، والسطو على المنازل، وسرقة أكثر من أربعين شلناً، وسرقة سلع من المتاجر تزيد قيمتها على خمسة شلنات، وتشويه الماشية أو سرقتها، وإطلاق النار على موظف الضرائب، وقطع الأشجار في شارع أو متنزه، وإحراق غيط غلال، وإرسال خطابات التهديد، وإخفاء موت زوج أو طفل، والاشتراك في