حادث شغب، وإطلاق النار على الأرانب، وهدم بوابة طريق رئيسية والفرار من السجن، وتدنيس المقدسات-هذه كلها، وعشرات غيرها، كانت عد جرائم كبرى أيام جورج الأول والثاني والثالث. وقد عكست هذه القوانين تصميم البرلمان على حماية الملكية. وربما كانت إلى حد ما النتيجة-والسبب-لما شاع بين الناس من تمرد على القانون ووحشية ولعلها أعانت على تكوين ما يتصف به الشعب البريطاني اليوم من عادات التزام القانون. وخفف من صرامة القانون رفض القضاة أو المحلفين غير مرة أن يدينوا المتهمين، أو إبطال الاتهام لخطأ فني، أو تحديد قيمة سلعة مسروقة تحديداً تعسفياً بأقل من المبلغ الذي يجعل السرقة جناية كبرى. وفي وقت الحرب قد يصدر عفو عن المذنبين شريطة أن ينخرطوا في الجيش أو البحرية.
أما عقاب الجرائم الأقل خطراً فكان السجن، أو المشهرة، أو الجلد، أو الأشغال الشاقة في الإصلاحيات، أو النفي إلى المستعمرات. وقضي قانون صادر في ١٧١٨ ببيع المسجونين المحكوم عليهم إلى متعهد يشحنهم بالمراكب على نفقته إلى ميريلاند وفرجينيا عموماً، ويبيعهم بالمزاد عادة "إلى زراع التبغ نظير قضائهم المدة المحكوم بها عليهم" وأسفر سوء حال السجناء وهم في الطريق عن نسبة عالية من الوفيات، وعن إنهاك الباقين منهم إنهاكاً يعجزهم عن العمل حيناً. وقرر أحد هؤلاء المتعهدين بأنه يخسر سبع شحنته البشرية في الرحلة المتوسطة (٨١). ولم يقض على هذه التجارة غير حرب الاستقلال الأمريكية.
وكثيراً ما كان ترحيل المذنب يفضل على سجنه، لأن السجون كانت سيئة السمعة بسبب قسوتها وقذارتها. فقد كان السجين الجديد يكبل بمجرد دخوله بالأغلال التي تتفاوت ثقلاً بتفاوت ما يدفعه للحارس. أما فراشه فمن القش. وأما طعامه فرطل من الخبز في اليوم، إلا إذا استطاع استكماله بالهدايا من الخارج. وإذا استثنينا سجن نيوجيت، وجدنا أنه لم تبذل محاولات تذكر لتنظيف السجون. فكانت الأوساخ والجراثيم تتراكم فيها فتعدى كل سجين تقريباً بما سمي "حمى السجن"-وهي في الغالب التيفوس أو الجدري. وذهب جونسون إلى أن ٢٥% من السجناء كانوا يموتون بـ "حميات عفنة". وبلغ نتن العفونة والمرض مبلغاً كان يحمل القضاة