بكل العالم من غير أصحاب الألقاب، ويستمتع بشتى المشاهد من صندوق الدنيا إلى الرجال الطائرين.
أما آداب السلوك، فإننا إذا استثنينا بعض النساء المثقفات، وجدنا فيها الخشونة وفحش الكلام. وسيرينا المصور هوجارث حياة العامة، ولكنه لن يرينا حديثهم. فالعاهرات، والفساق، وسائقو عربات الجر، والمراكبية، والجنود والبحارة، كلهم كانوا أساتذة في اللعن وفحش القول، وقد خلد باعة السمك في بلنجزجيت (واللفظ معناه لغة السوقة) ذكرى سوقهم بذاءتهم التي لا مثيل لها. وكان الحديث في الفنادق والحانات أقل مرحاً ولكنه متحرر إلى حد البذاءة وكان الرجال حتى في بيوتهم يروعون النساء بقصصهم وسبابهم وأنخابهم. ولم تكن السيدات أنفسهن يترفعن عن الشتيمة العنيفة أو يتورعن عن القباحة المرحة.
أما في مشارب القهوة والأندية فاللغة أكثر تهذيباً. وقد كتب ستيل وسويفت وفيلدنج وكوبر وجونسون عن الحديث، بوصفه فناً مهذباً. وفي وسعنا أن نتصور الرجال في اجتماعاتهم التي يحرصون على إقصاء النساء عنها، يرشفون قهوتهم أو جعتهم، ويترعون خمرهم، ويدخنون بيباتهم، ويتجادلون حول المناقشات البرلمانية، وحول شراء روبرت ولبول للأصوات، والسياسة المنكرة التي ينتهجها أولئك "الكلاب الفرنسيون" وراء المانش. وكان الضحك عميقاً في البطون، عالياً في الحناجر، رغم مناشدات الأخلاقيين أمثال شافتسبري وغيرهم ممن لا نزعة أخلاقية تميزهم مثل تشستر فيلد، بوجوب ترك الضحك للوضعاء، وبأن يخفف حتى يصل إلى مجرد الابتسامة (٩٤). أما تعاطي النشوق أو السوط، الذي ورد ذكره أول مرة في ١٥٨٩، فكان قد بات شعيرة مرعية عند الجنسين، وقد ظن القوم أن للنشوق (وهو التبغ المسحوق) قيمة دوائية كالقهوة، فالعطس الذي يحدثه يطهر المسالك الأنفية، ويشفى من الصداع، والبرد، والصمم، والخمول، ويهدئ الأعصاب، ويصلح الدماغ. ولم ير شخص، رجلاً كان أو امرأة كامل الهندام بغير علبة النشوق، وعلى تلك الحاشية الملحقة