ومما يعين في هذا المجال أستاذ رقص قدير، فهو يعلمنا على الأقل كيف نقعد، أو نقوم، أو نمشي دون تبديد في الجهد والطاقة. وإذ كان الأيرل أرستقراطياً، فقد سمي السلوك المهذب "تربية طيبة"، فلقد تبين دون وعي منه، وربما محقاً، كيف يصعب على إنسان اكتساب العادات المهذبة دون أن يكون قد ربي في أسرة وتحرك في محيط لهما هذه العادات. "إن من سمات الرجل الطيب النشأة أن يتحدث إلى من هم أدنى منه دون صلف، وإلى من هم أعلى منه باحترام ويسر (١١١) " فعلى المرء ألا يستغل علواً في المقام جاء وليد الصدفة.
"لا تستطيع أن تحسب، وأنا واثق أنك لا تحسب، أنك أرقى بحكم الطبيعة من ذلك السافواوي الذي ينظف حجرتك، أو الخادم الذي ينظف حذاءك، ولكن لك أن تغتبط، وبحق، لما حباك به الحظ دون غيرك. فاستمتع بتلك المزايا، ولكن دون إهانة أولئك الذين قضى القدر بحرمانهم منها، أو حتى الأتيان دون موجب بأي عمل قد يذكرهم بذلك الحرمان. وأقول لك عن نفسي أنني أشد حرصاً على سلوكي نحو خدمي وغيرهم ممن يدعون أدنى مني، مني نحو نظرائي، مخافة أن أتهم بتلك العاطفة القبيحة الوضيعة، وهي الرغبة في أشعار غيري بذلك الفارق الذي أوجده الحظ بيننا، ربما دون استحقاق على الإطلاق (١١٢) ".
والسلوك المهذب يصدق على العقل كما يصدق على الجسم، وكلا النوعين يتأثر بعشائرنا.
"هناك نوعان من الخلطاء المهذبين، الأول وهو المسمى المجتمع الراقي " beau monde"، وهم أصحاب الصدارة في قصور الملوك وفي الجوانب المرحة من الحياة، والثاني هم أولئك الذين يتميزون بكفاية خاصة، أو يتفوقون في فن أو علم خاص عظيم القدر. أما عن نفسي فقد ألفت أن أراني وأنا جالس إلى (الكاتب) أديسون أو (الشاعر) بوب في صحبة أشخاص يعلون عني علو جميع ملوك أوربا وأمرائها لو جلست إليهم (١١٣) ".