للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحين عاد جون وسلي من هيرنوت، لم يستطع أن يوافق تماماً على طريقة هوايتفيلد الخطابية، وتردد في الاقتداء به في الخطابة في الخلاء. قال: "إذ كنت طوال حياتي (إلى عهد قريب جداً) شديد التمسك بكل قواعد اللياقة والنظام، … فقد كان المفروض أن أرى في تخليص النفوس شيئاً يكاد يبلغ مبلغ الخطيئة إذا لم يتم في الكنيسة (٥٥) ". على أنه تغلب على نفوره هذا، وحمل رسالته إلى الحقول والشوارع، "وسلمت بأن أكون أكثر نزولاً إلى العامة في الخلاء" (أبريل ١٧٣٩). وكانت خطابته أقل حرارة من خطابة هوايتفيلد، ولغته لغة العالم والجنتلمان، ولكنه هو أيضاً خاطب عواطف سامعيه، وجعل الحياة اليومية لبسطاء الناس تبدو كأنها جزء من مسرحية هائلة، نبيلة، نفوسهم فيها ساحة معركة بين الشيطان والمسيح، فتحركوا في عالم من العجائب والمعجزات، وسمعوا فيه (أي في وسلي) -كما زعم-صوت الله. وبينما ألف هوايتفيلد أن يعظ الجميع ثم ينصرف عنه، راح وسلي ينظم أتباعه في "جماعات صغيرة" في المدينة تلو المدينة، ويرشدهم إلى الثبات والاستمرار. وكانت اجتماعاتهم أحياء للقاءات المحبة التي استنها المسيحيون الأولون-أعياد من الفرحة الدينية ومحبة الجماعة، يعترف بعضهم لبعض بخطاياهم، ويخضعون لفحص حياتهم الخلقية، ويشتركون في الصلاة وترتيل التراتيل الورعة. وكان جون قد ألف أو ترجم بعض الترانيم المؤثرة، وكان تشارلز قد بدأ مجموعة تراتيله الضخمة. وفي ١٧٤٠ كتب تشارلز أشهر ترانيمه الرائعة الكثيرة "يسوع يا حبيب روحي".

في هذه الجماعات المتحمسة درب جون وسلي وعاظاً علمانيين حملوا البشارة الجديدة إلى حيث لا يستطيع القادة البقاء. فقد انتشر هؤلاء "المساعدون"-دون رسامة، ودون أي أبرشيات محددة، بمنبر أو بغير منبر-في أرجاء إنجلترا، وإسكتلندة، وويلز، وأوصلوا مخاوف وآمال اللاهوت البروتستنتي للطبقات العاملة، وحضروا لزيارات الإنعاشية التي سيقوم بها وسلي وهوايتفيلد. وكان