للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كتدرائية أو لتخليص نفوسنا. ويسلم في تذييل للكتاب بأنه قد يكون هناك رغم ذلك نفس وراء الأفكار، وواقع وراء الأحاسيس، وعلاقة علية وراء التعاقبات المتصلة. وهو ثابت على موقفه نظرياً "لم يسعدني الحظ إلى الآن بأن اكتشف أي أخطاء جسيمة في الاستدلالات المعروضة في المجلدين السابقين (٨٧) ". ولكنه يتعرف في لطف أنه، عملياً، يتخلى عن شكوكيته حالما يضع قلمه.

"لو سئلت هل أوافق مخلصاً على هذه الحجة الذي بذلت هذا الجهد في إقرارها، وهل أنا حقاً واحد من هؤلاء الشكاك الذين يذهبون إلى أن كل الأشياء غير يقينية … لأجبت … أنني لا أنا لا أي شخص آخر دان بهذا الرأي في أي وقت بإخلاص وثبات (٨٨) … إنني أتناول غذائي، وألعب النرد، وأتحدث وأسمر مع أصحابي، فإذا عددت بعد ثلاثة أربع ساعات من الترويح إلى هذه التأملات، بدت لي باردة مفتعلة سخيفة جداً بحيث لا أستطيع أن أجد في صميم نفسي ما يدفعني لمزيد من الإيغال فيها (٨٩) … وهكذا يواصل الشاك استدلاله العقلي واعتقاده، وأن أكد أنه لا يستطيع الدفاع عن استدلاله العقلي بالعقل؛ وعلى هذه القاعدة نفسها يجب أن يوافق على مبدأ وجود الجسد وأن عجز عن الادعاء بأي حجج من الفلسفة بأنه أثبت صحته (٩٠) ".

وأخيراً يتنكر هيوم للجدل العقلي باعتباره هادياً للحياة ويضع ثقته في الإيمان الحيواني، في الاعتقاد القائم على العرف بأن الواقع عقلاني تتخلله العلية. وحين يؤكد هيوم أن "الاعتقاد هو على الأصح فعل من أفعال الجانب الحساس لا الجانب العارف من طبائعنا (٩١) " فإنه- وقد بلغ السابعة والعشرين من عمره- يلقى بجان جاك روسو، ذي الستة والعشرين، في الشباب والنظرية، كما قدر له أن يلتقي به بعد ذلك في الصداقة والمأساة. ولم يقتصر أبرع المجادلين العقليين في عصر العقل على اتهام المبدأ العلي للعقل، بل أنه فتح باباً لرد الفعل الرومانسي الذي سينزل العقل عن عرشه ويجعل من الوجدان إلهاً له.

و"الكتاب" والمجلد الثاني من "الرسالة" يواصل إنزال العقل