الإنسان؛ وأما الوجدان فنعم، ولكن الوجدان الذي هذبه وصفاه الذكاء. وأي مرشد أهدى إلى مثل هذا الفن المحكوم المنحوت من أعمال قدامى الشعراء والخطباء، وتصميمهم على أن يكونوا عقلانيين، وعلى أن يجعلوا كل جزء من عمل أدبي عنصراً منظماً مدمجاً في كل متناغم؟ هنا التقليد الكلاسيكي، المنحدر بطريق إيطاليا وفرنسا، بطريق بترارك وكورنيي، والذي يغزو الآن إنجلترا ويقهرها على يد الكسندر بوب، كما قهر شكسبير بمسرحية أديسون "كاتو"(في زعم فولتير)، وكما كست العمارة الكلاسيكية المنحدرة عن طريق بالاديو وسيرليو، وعن طريق بأرو ورن، الخيالات القوطية والشطحات الجامحة أو غلبتها بقواصر رزينة وصفوف أعمدة هادئة. وهكذا تكون مفهوم الشاعر الشاب عن العقل الكلاسيكي الذي يعمل في ناقد مثالي:
"ولكن أين هو الرجل الذي يستطيع أن يمحض النصح،
الذي مازال يغتبط بأن يعلم، ومع ذلك لا يطغيه علمه؟.
رجل لا يحرفه رضي ولا يميله حقد، لا هو متحيز في غباوة ولا مستقيم في عمى،
مهذب رغم علمه، مخلص مع تهذيبه،
جريء في تواضع، صارم في إنسانية،
يبصر الصديق بعيوبه في غير تحرج
ويطري العدو على فضائله وهو مبتهج،
رجل أوتي ذوقاً مدققاً دون تزمت،
ووهب العلم بالكتب والبشر جميعاً، محدث سمح، ونفس
تنزهت عن الكبرياء،
يحب أن يثني ثناء يؤيده فيه العقل (٧)؟ "
وقد وجد نفر من أمثال هذا الناقد، على استعداد للترحيب بمثل هذا الشعر وهذه الفضيلة المحسوبة من فتى في الثالثة والعشرين؛ وعلى ذلك خلع أديسون، الذي لا بد قد شعر أنه المقصود بهذه الأبيات، على الشاعر في العدد ٢٥٣ من صحيفته "اسبكتيتور" ثناءً عظيماً لم يلبث أن ينسي في معارك الكلام. أما الشاعر جون دنيس، مؤلف مسرحية