لأول مرة، وهددوه باستعمال العنف معه إذا نشرها، وكيف أن هذا جعل الجمهور أشد تهافتاً على النسخ، وكيف أن الطبعة تلو الطبعة كانت تطلب وتنفد، وكيف أن الضحايا ألفوا أندية ليكتلوا الثأر من بوب، وصنعوا دمية على صورته وأحرقوها. وجاء ابن دنيس بهراوة ليضرب بوب، ولكن اللورد باثورست صرفه عنه، وبعدها ظل بوب يأخذ معه في جولاته مسدسين وكلبه الدنمركي الضخم. ورد عليه عدد من ضحاياه بكتيبات، وبدأ بوب وأصحابه (١٧٣٠)"مجلة جراب ستريت" ليواصلوا الحرب. وفي ١٧٤٢ أصدر جزءاً رابعاً من "ملحمة المغفلين"، هاجم فيه المربين وأحرار الفكر تعطشاً لخصوم جدد- هؤلاء الذين يفخرون قائلين:
"إننا نتخذ في فخر ذلك الطريق الأعلى
ونجادل هابطين حتى نشك في الله،
ونجعل الطبيعة تعدو على قصده،
وندفعه إلى أبعد ما نستطيع .. ..
أو، بوثبة واحدة تقفز فوق كل قوانينه،
نجعل الله صورة للإنسان، والإنسان العلة النهائية،
ونجد الفضيلة شيئاً محدوداً، ونحتقر كل الصلات،
نرى الكل في أنفسنا، وأننا لم نولد إلا لأنفسنا،
لا نوقن بشيء يقيننا بعقولنا،
ولا نتشكك في شيء تشككنا في الروح والإرادة (٣٢) ".
وواضح أن بوب كان ينقب في الفلسفة، وليس مع بولنبروك وحده؛ فقد صدرت رسالة هيوم "في الطبيعة البشرية" في ١٧٣٩، قبل هذا الجزء الرابع من "ملحمة المغفلين" بثلاث سنوات. وهناك بعض الأدلة على أن الفيكونت كان قد نقل إلى الشاعر ربوبية شافتسبري مشحوذة بحكمة الدنيا (٣٣). وقال له بولنبروك، حسبك هجاء وسفاسف، ووجه ربة شعرك وجهة الفلسفة الدينية. يقول جوزف وارتن "لقد أكد لي اللورد باثورست غير مرة أنه قرأ كل خطة "مقال عن الإنسان" مكتوبة بخط بولنبروك، ومفصلة في سلسلة من القضايا كان على بوب أن ينظمها شعراً ويوضحها (٣٤) ". ويبدو