الموضوع، وهو العفة المصونة خلال سلسلة طويلة من المغريات، قد أوحت به قصة "حياة ماريان"(١٧٤١ - ٤١) التي ألفها الكاتب الفرنسي ماريفو. أياً كان الأمر، فإن رتشاردسن أقام في نوفمبر ١٧٤٠ معلماً على طريق الأدب الإنجليزي بإصداره كتاباً في مجلدين سماه "باملا، أو الفضيلة التي كوفئت؛ سلسلة من الرسائل العائلية من آنسة جميلة إلى أبويها؛ منشوراً لأول مرة ليربي مبادئ الفضيلة والدين في عقول الشباب من الجنسين" وراج الكتاب، وأضاف إليه رتشاردسن مجلدين آخرين في ١٧٤١، "باملا في أسمى حالاتها"، يقصان فضائلها وحكمتها بعد زواجها.
وما زال نصف القصة الأول طريفاً، لأننا لا نكبر أبداً على استطرافنا لقصص الإغواء-وإن كان كل شيء حتى الإغواء يصبح مملاً بعد ألف صفحة. ويبدأ التركيز على العاطفة في الصفحة الأولى، حيث تكتب باملا "أواه! لكم تذرف عيناي الدمع مدراراً! لا تعجبا إذا رأيتما الورق شديد التلوث". وهي مثال الطيبة والتهذيب والتواضع. فلما أرسلت خارج الأسرة لكي "تخدم" وهي في السادسة عشرة حولت لأبويها أول ما كسبت من مال "لأن العناية الإلهية لن تتركني في عوز … فإذا حصلت على المزيد فإنني واثقة بأنه من واجبي، وسيكون موضع اهتمامي أن أحبكما وأعتز بكما، لأنكما أحببتماني واعتززتما بي حين لم أكن أقوى على صنع شيء لنفسي (٧٣) ". أما الأبوان الحذران فيرفضان إنفاق المال حتى يطمئنا إلى أنه ليس عربوناً يدفعه مخدومها الأعزب لوصالها. وينبهانها إلى أن جمالها يعرض عفتها للخطر "إننا نخاف-نعم، يا بنيتي العزيزة، إننا نخاف-لئلا تشتطي في عرفان الجميل، فتكافئيه بتلك الجوهرة، بفضيلتك، التي لا يستطيع مال … أن يعوضك عنها". فتعدهما بأن تكون حذرة وتضيف "ما أجمل فعل الخير! إنه كل ما أحسد عليه العظماء". وعواطفها جديرة بالإعجاب وإن فقدت بعض فتنتها لأنها تصرح بها. وفي مأساة متفاقمة يدخل مخدومها مخدعها دون التمهيد الواجب، ويضمها إلى صدره المضطرب. فيغشي عليها، وتفسد خطته. فلما أفاقت "وضعت يدي على فمه وقلت: أواه! قل لي، ولكن لا تقل لي، ماذا عانيت أنا في هذه المحنة؟ (٧٤) ". فيؤكد لها أن مقاصده