للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وراجت صور "البغي" المطبوعة، فاستهوت ألفاً ومائتي مكتتب، ونيف ربحها الصافي على ألف جنيه. ومع أن طبقات مسروقة كانت تنتقص من ربح المصور، فإنها أبعدت شبح الجوع عن بابه. وأقبل الجمهور البريطاني في غير تردد على مناظر الخطيئة هذه، وهو الذي لم يكن به ولع باللوحات، فهنا فاكهة محرمة، طهرتها الفضيلة ولكنها لم تنتقص من بهجتها، وهنا يستطيع المرء لقاء ثمن زهيد أن يتعرف إلى الرذيلة وهو في مأمن، وأن يرقب عقابها الذي تستحقه وهو راض. واستطاع هوجارث الآن أن يطعم أسرته من مكاسبه، لا بل اتخذ مسكناً له في حي لستر فيلدز العصري، وعلق على بابه رأساً مذهباً يشير إلى مهنته فناناً. وقد اشترى بعد ذلك بيتاً ريفياً في كزيك.

ثم رسم صوراً كبيرة في السنوات القليلة التالية، لا سيما "مهرجان سذريك"-وهي لوحة "بروجلية" إنجليزية-ولوحة جماعية لطيفة تدعى "أسرة إدواردز" ولكنه عاد إلى رسومه المطبوعة في ١٧٣٣، وعارض سلسلة "البغي" بسلسلة سماها "رحلة فاجر" ترى فيها شاباً طائشاً مفتوناً يرث فجأة تركة كبيرة، فيهجر أكسفورد غلى لندن، ويستمتع بالحانات والمومسات، ويبدد ماله، ويجر إلى السجن لعجزه عن الوفاء بديونه، ثم تنقذه خليلته التي نبذها، ويستعيد قدرته على الوفاء بديونه الزواج من كهله عوراء غنية، ولكنه يقامر بثروته الجديدة في نادي هوايت، فيودع السجن مرة أخرى، ويختتم سيرته مجنوناً في مستشفى "بدلام". لقد كانت تمثيلية أخلاقية في صور سهلة الفهم تصور قطاعاً من الحياة تصويراً دقيقاً. ولكن يحمي هوجارث سلسلة صور "الفاجر" المطبوعة من السرقة شن حملة تستهدف الحماية القانونية لحقوقه. وفي ١٧٣٥ أقر البرلمان "قانوناً لتشجيع فنون الرسم، والحفر، والنقش الخ"، وهذا القانون، الذي تعارف الناس على تسميته "قانون هوجارث" أعطاه حقاً يعادل حق التأليف على صوره المطبوعة. وفي ١٧٤٥ باع بالمزاد اللوحات التي حفر عنها سلسلتي "البغي" و "الفاجر"، فربح منها ٤٢٧ جنيهاً.

وتوافرت له الآن الكفاية المالية والثقة بالنفس، فغزا غزوة أخرى