المنافسة له، مثقلة بدين قدره اثنا عشر ألف جنيه. وهكذا انتهى عصر الأوبرا العظيم في إنجلترا.
وكانت صحة هندل من بين ما تخلف من حطام. فالروماتزم في عضلاته، والتهاب المفاصل في عظامه، والنقرس في أطرافه-هذه كلها تفاقمت في صيف ١٧٣٧ بنوبة جنون عارضة (٥٦). فغادر إنجلترا ليستشفي بمياه آخن. وكتب السرجون هوكنز يقول إنه هناك:
"أحتمل من إفرازات العرق التي بعثتها حمامات البخار ما أدهش كل إنسان. وبعد بضع محاولات من هذا النوع، بدأت معنويته خلالها ترتفع ولا تهبط من أثر العرق الغزير، فارقه اضطراب عقله، وبعد بضع ساعات .. .. ذهب إلى كنيسة المدينة الكبرى، ووصل إلى الأرغن، ثم عزف عليه عزفاً جعل الناس يعزون شفاءه إلى المعجزة (٥٧) ".
وفي نوفمبر عاد إلى لندن، وإلى الكفاية المالية وأسباب التشريف. وكان هيديجر قد عاد ثانية إلى مسرح صاحب الجلالة. ونقد هندل ألف جنيه لقاء أوبراتين، واحتوت إحداهما وهي "سرسي"(١٥ أبريل ١٧٣٨) على اللحنين المشهورين "لارجو" و "أومبرا مايفو". ودفع مستأجر حدائق فوكسهول إلى روبياك ثلاثمائة جنيه لينحت تمثالاً يظهر فيه الموسيقى وهو يداعب أوتار قيثارة؛ وفي ٢ مايو أزيح الستار عن هذا التمثال الثقيل الوقفة، الغبي التعبير، في الحدائق في حفلة موسيقية. ولا بد أن هندل قد سره أكثر من هذا تلك الحفلة التي أعين بها في ٢٨ مارس، والتي أتت بكثير من ألف جنيه. فدفع الآن ديون أعجل دائنيه، وكان أحدهم يهدد بإيداعه سجن المدينين. ولكنه كان مشرفاً على الإفلاس برغم كل تشريف. ولم يستطع أن يتطلع بعد ذلك إلى هيديجر، الذي أعلن (٢٤ مايو) أنه لم يتلق من الإكتتابات ما يتيح له إخراج أوبرات في ١٧٣٨ - ٣٩. هنا، ودون تكليف ولا فرقة، بدأ هندل أعظم أطواره، وهو في الثالثة والخمسين، والأوصاب والأوجاع تهز بدنه.