كاد جين لا يفتح كتاباً إلا في الموسيقى أو عن الموسيقى. وسرعان ما أصبح بارعاً في العزف على الأرغن والبيان القيثاري والكمان مما لم يكن بعده زيادة لمستزيد في ديجون. ولما وقع الشاب في شراك الغرام، ورأى الوالد أن في هذا مضيعة لمواهبه أرسله إلى إيطاليا ليدرس أسرار الألحان فيها (١٧٠١).
ولما عاد جان إلى فرنسا، عمل عازفاً على الأرغن في كليرمونت فراند وخلف أباه في ديجون (١٧٠٩ - ١٧١٤)، ثم رجع أدراجه إلى كليرمونت عازفاً على الأرغن، في الكاتدرائية (١٧١٦)، ثم استقر به المقام في باريس ١٧٢١. وهناك في ١٧٢٢ وهو في التاسعة والثلاثين كتب مؤلفه الرائع عن النظرية الموسيقية في فرنسا في القرن الثامن عشر "رسالة عن علم الإيقاع موجزاً في أسسه الطبيعة". وحاول رامو أن يبرهن أنه يوجد دائماً في التأليف الموسيقي السليم، سواء كان موزعاً أو غير موزع-"قاعدة أساسية" يمكن أن تستمد منها كل الأنغام التي فوقها، وأن كل النغمات المتآلفة يمكن أن تستخرج من سلسلة إيقاعات النغمات الجزئية، وأن كل هذه الأنغام يمكن أن تقلب دون أن تفقد هويتها. إن رامو كتب بأسلوب لا يفهمه إلا أكثر الموسيقيين تبحراً ومعرفة بالموسيقى، ولكن أفكاره سرت دالمبرت الرياضي، الذي شرحها بشكل أوفى ١٧٥٢ وإنك لتجد أن قوانين الترابط الوتري التي صاغها رامو، مقبولة في عصرنا هذا أساساً نظرياً للتأليف الموسيقي (٣٤).
وشن النقاد هجومهم على رامو، فرد عليهم هو بتآليف وتفاسير، حتى حظي بالتقدير والإجلال بما أخضع له الموسيقى من قوانين، كما فعل نيوتن بالنسبة للنجوم (٣٥). وفي ١٧٢٦ - وهو في سن الثالثة والأربعين تزوج من ماري ماجنو، إذ ذاك في الثامنة عشرة. وفي ١٧٢٧ وضع موسيقى مسرحية فولتير الغنائية "سمسون" ولكنهم حظروا إخراجها على أساس أن قصص الكتاب القدس لا يجوز تحويلها إلى أوبرا. وكان على رامو أن يكسب قوته بالعمل عازفاً للأرغن في كنيسة "سانت كروادي لا بروتنيري. وبلغ الخمسين من العمر قبل أن يغزو مسرح الأوبرا.