رسمهن، فيما عدا واحدة، سررن حين وجدن أنفسهن في لوحاته، فاتنات مغريات كما اعتقدن دائماً في أنفسهن. ولوحته "مدام دي بمبادور" معلقة في فرساي، بشعرها الجميل الملون بلون خفيف، وعينيها الوديعتين اللتين لا تكادان تكشفان عن لهفتها على السلطان والسيطرة وتنافس الملوك والملكات على الظفر بالفنان ناتيير. فقد رسم ماري لزكزنسكا سيدة برجوازية تشرع في القيام بنزعة في الريف (١٠) وأنصف كل الإنصاف جمال أدليد (١١) ابنة الملكة. وعندما زار بطرس الأكبر باريس رسم ناتيير لوحتين له ولزوجته القيصرة، ودعاه بطرس للانتقال إلى روسيا فأبى، فما كان من القيصر إلا أن حمل اللوحتين دون أن ينقده أجراً. وأحضر جاك أندريه أفيد المولود في الفلاندروز بعض لوحات فلمنكية واقعية تصور الناس كما هم، ولا بد أن ميرابو الأكبر جزع عندما رأى نفسه كما رآه أفيد فصوره (١٢). ولكنها على أية حال من أعظم لوحات هذا القرن.
وعلى كل هؤلاء السادة الجالسين في حجرة الانتظار-حتى على بوشيه وشاردان-نجد جريم وديدرو يؤثران كارل فانلو، وهو سليل أسرة كبيرة من الرسامين تحمل اسم فانلو، نعرف منهم تسعة بأسمائهم. ولد في نيس ١٧٠٥. واصطحبه معه رفيقه الرسام جان بابتست إلى روما حيث درس بالأزميل والفرشاة معاً. وفي باريس فاز بجائزة روما ١٧٢٤، ثم قضى في إيطاليا فصلاً دراسياً آخر، عاد بعده إلى فرنسا وأراضي الأكاديمية وأغضب بوشيه، بأتباعه كل القواعد الأكاديمية. وحيث أنه أفزع كل جهده وقضى كل وقته في الاشتغال بفنه، ولم يدخر منه شيئاً ليتعلم القراءة والكتابة والعادات القويمة والحديث المهذب، فإن مدام بمبادور نفرت منه ف شيء من الاشمئزاز (١٣) بأنه "وحش مزعج" ومع ذلك عهدت إليه برسم (مناقشة إسبانية). ولفترة وجيزة ارتضى مزاج العصر، ورسم سيدات متشحات بأردية ملتصقة بأجسامهن، ولكنه سرعان ما ركن إلى الرزانة والهدوء في حياة أسرية نموذجية، فخوراً بزوجته البارعة المصقولة ولوعاً بابنته كارولين. وفي ١٧٥٣ اشترك مع بوشيه في زخرفة قاعة المجلس