سقط الآن وأخرس، فإنه لم يهيئ لنا إن نرى كثيراً من مفاتن جسد العشيقة قدر ما هيأ لنا أن نلمس مناقب الذكاء والرقة التي حببتها إلى الملك، والاهتمام بالثقافة الذي جعل منها معبودة الفلاسفة، والذوق الفني النسوي الرفيع في الثياب الذي أضفى في كل يوم فتنة جديدة على مفاتن الجسد العانية. ويفضل هذه اللوحات ولوحة. الرحلة-لاتور "استطاعت بمبادور تذكير الملك في هدوء بالجمال الذي ولى والفتنة الأرق التي بقيت. وربما استخدمت بمبادور كذلك لوحات بوشيه الحسية الشهوانية في إرضاء رغبة الملك الجنسية القوية. ولا عجب إذن في أنها جعلت من بوشيه صديقاً أثيراً لديها، ووفرت له جناحاً في اللوفر، وتلقت عنه درساً في النقش، وبحثت معه مشروعاته في زخرفة قصورها، والارتقاء بالفنون. ورسم لها (١٧٥٣) لوحتين من أعظم لوحاته الشروق والغروب"(٢٤) وفي كلتا اللوحتين، بطبيعة الحال، كانت الأشكال البشرية تفوق الشمس بهاء وبريقاً.
وعمر بوشيه بعد بمبادور، وبعد الحرب الفاجعة مع إنجلترا وفردريك الأكبر، وظلت أحواله في ازدهار إلى سن السابعة والستين حيث وافته المنية. وتكاثر عليه التكليف بعمل اللوحات، وأصبح ثرياً، ولكن لم تقل حماسته وغيرته في العمل عن ذي قبل، وطهر ثروته بالبذل والسخاء. وكان عربيداً محسناً خيراً، لا يكل ولا يمل من الفسق والدعارة ولكنه دائماً أبدا مرح ودود، "لطيف كريم غير متحيز، ينأى بنفسه عن الأحقاد الدنيئة ..... به مناعة ضد التلهف الحقير على كسب المال"(٢٥) وكان متعجلاً في عمله إلى حد لم يبلغ معه قمة الامتياز. وأطلق لخياله عنان الحرية إلى درجة لم يلمس معها جوانب الحقيقة والواقع. وأبلغ رينولدز أنه ليس في حاجة إلى نماذج، وأنه يؤثر الرسم من الذاكرة، ولكن ذاكرته جاءت بأشكال مثالية. ولما لم يصوب له الواقع ذاكرته، فإنه بات مهملاً في رسمه مبالغاً في ألوانه. واتهمه جريم وديدرو وآخرون بأنه أخطأ فحسب الظرف واللطف جمالاً، وأنه هبط بجلال الفن إلى مجرد