زخرفة سطحية ذات مظهر خداع، وبأنه افسد أخلاق العصر بإعلاء قيمة مفاتن الجسد. وعاب عليه ديدرو واستنكر ابتسامته المتكلفة وتصنعه … وشامات الجمال، واللون الأحمر على الخدود … ونساءه العابثات، ورجاله الفاسقين الشهوانيين وأولاد باخوس وسلينوس غير الشرعيين (إلها الخمر والعربدة في الأساطير اليونانية)(٢٦) ومات بوشيه وهو يعمل في مرسمه تاركاً على الحامل لوحة لم يكملها "تزين فينوس" وكأنما يتحدى بها ديدرو. وعندما سمع ديدرو بموت الفنان أحس بالندم وقال "لقد أسأت إلى بوشيه كثيراً بكلامي عنه، وإني لأكف الآن عن الحديث عنه. (٢٧) ولنكتف نحن بهذا القدر.
جـ - شاردان
١٦٩٩ - ١٧٧٩
كم اختلف عالم بوشيه عن دنيا شاردان-أي تباين بينهما في مفاهيم الجمال وفي الخلق والذكاء! كانت هنا تقريباً حرب طبقية، ثورة الطبقة المتوسطة ضد الأبيقورية المسرفة المبذرة عند رجال المال والأرستقراطية والحاشية. ولد جان مابتست سيمفون شاردان برجوازياً، وظل برجوازياً قانعاً، وصور الحياة البرجوازية في إخلاص بالغ. وكان أبوه معلم نجارة ذا مكانة عالية في نقابته، يمتلك داراً في شارع السين على الضفة اليسرى من النهر، ولما كان يظن أن أبنه جان سيخلفه في مهنته، فإنه لم يعن بتعليمه في المدرسة قدر عنايته بتدريبه على الأعمال اليدوية. وأسف شاردان على ما فاته من تعليم وعلى ضآلة ما حصل منه، ولكن هذا منعه من ارتياد مجالات الفن القديمة، فولى وجهه وفرشاته شطر الأشياء التي حوله في المصنع والبيت. وسرعان ما أحب الرسم وتلهف على التصوير، وسمح له والده بالالتحاق بمرسم بيير جاك كيز، ثم بتسجيل اسمه رساماً في البلاط الملكي.
ولم يكن الشاب سعيداً هناك، فإن النماذج التقليدية التي طلب إليه أن ينسخ عنها بدت بعيدة بشكل مخيف عن الحياة التي عرفها وألفها. وعندما طلب إليه جراح صديق لوالده أن يعد له لافتة تعلن عن مهنة الحلاق الجراح، وتبرز أدواتها، فإن جان-وربما تذكر عند ذاك شعار الرسام