اتو لجرسانت-رسم لافتة ضخمة تمثل رجلاً جرح في مبارزة، يقوم على العناية به جراح ومساعده، ومن حسن التدبير أضاف إلى هذا سقاء وشرطياً وبعضاً من حرس الليل، ومركبة، وامرأة تحدق النظر من نافذتها، وحشداً من المتفرجين يحملقون من فوق الرؤوس-كل أولئك في منظر رائع عن الصخب والإيماءات والإثارة. وغضب الجراح ورأى أن يلقي باللافتة عرض الحائط، ولمنها جذبت انتباه المارة ونالت استحسانهم إلى حد كبير إلى درجة أن الجراح استبقاها على بابه، ولم نسمع بعد ذلك شيئاً عن شاردان، حتى كان عام ١٧٢٨، حين حظيت بإطراء خاص، لوحته "السمكة" ولوحته "الخوان"(البوفيه) -طبق فضي فيه فاكهة-في معرض في الهواء الطلق في ميدان الدوفين. ودعاه بعض أعضاء الأكاديمية ليطلب الانضمام إلى عضويتها. ودبر أن يعرض بعض من لوحاته هناك غفلاً من اسمه، فأعلن من رأوها أنها تحف رائعة، ونسبوها إلى فلمنج، ثم اعترف شاردان بأنه صاحبها، فاستنكروا هذه الخدعة، ولكنه على أية حال فاز بعضوية الأكاديمية (١٧٢٨).
وفي ١٧٣١ خطب مرجريت سنكتار التي وعده أبواها بصداق كبير، ولكن في فترة الخطوبة مني الوالدان بخسائر جسيمة وفارقا الحياة، تاركين مرجريت لا تملك شروى نقير، وتزوجها شاردان على الرغم من ذلك، وهيأ لهما أبوه مسكناً في الطابق الثالث من منزل كان قد اشتراه حديثاً على ناصية شارع دي فور وشارع البرنسيس. وهناك أقام الفنان مرسمه الذي كان أيضاً مطبخه، فقد اختار الآن بصفة نهائية أن يرسم الحياة الهادئة ومشاهد الحياة اليومية. وأصبحت الخضر والفاكهة والسمك والخبز واللحم كل الأشياء التي تبعثرت في أنحاء الغرفة، نماذج لفرشاته تارة، وصنوف قائمة طعامه تارة أخرى.
وافتتن شاردان بالأشكال والألوان المتغيرة في الأشياء العادية، ورأى فيها خصائص في لبيئة والتركيب والضوء قلما تلحظها العين الغافلة. فإن جانبي التفاحة أو خديها كانا بالنسبة له يحملان طابعاً رومانتيكياً مثل تورد