ستظل ملوثة ما دامت تحتضن هؤلاء الكفار … إن اضطهاد مسلمينا الغيورين لهؤلاء الكفار عبدة النار اضطرهم إلى الفرار زرافات إلى الهند الشرقية، وبذلك حرم فارس من هذا الشعب الجاد النشيط. ولم يبق أمام هذا التعصب الأعمى إلا شيء واحد هو تدمير الصناعة، حتى تنهار الإمبراطورية (فرنسا ١٧١٣)، حاملة معها تلك الديانة التي أرادوا لها النهوض والتقدم.
وإذا كان الحوار النزيه غير المتحيز ممكناً يا ميرزا، فلست متأكداً من أنه من الخير للدولة أن تكون بها عدة ديانات مختلفة … والتاريخ زاخر بالحروب الدينية، ولكن … ليس تعدد الديانات هو الذي أدى إلى الحروب، بل روح التعصب الذي يشجع الديانة التي تعتقد أنها في صعود (٦٨).
إن الأفكار التي تضمنتها الرسائل الفارسية تبدو لنا الآن مبتذلة عتيقة. ولكنها كانت للمؤلف حين عبر عنها، مسألة حياة أو موت، وعلى الأقل مسألة سجن أو نفي. إنها الآن عتيقة لأننا كسبنا معركة الحرية في التعبير عن الآراء. إن الرسائل الفارسية فتحت الطريق، لهذا استطاع فولتير بعد ذلك بثلاث عشرة سنة أن يصدر "رسائل عن الإنجليز" ويلقي ضوءاً إنجليزياً على حطام فرنسا. وأعلن هذان الكتابان عن عصر الاستنارة. وعمر مونتسكيو وحريته بعد كتابه، لأنه كان من طبقة النبلاء، ولأن الوصي على العرش كان متسامحاً، كما ارتفعت بعض أصوات الاستنكار وسط التهليل والإعجاب، ومع ذلك لم يجرؤ على الإفصاح عن اسمه وهو المؤلف. وذهب دارجنسون الذي انتقد هو نفسه الحكومة فيما بعد إلى أن "هذه التأملات وأفكار لا يستطيع أن يأتي بها رجل ذكي بسهولة، ولكن ينبغي على الرجل الحصيف الحذر ألا يسمح بطبعها". وأضاف ماريفو الحريص "يجدر أن يضن الإنسان بمجهوده في مثل هذه الموضوعات" وقال مونتسكيو "عندما حظيت إلى حد ما بتقدير الجمهور فقدت تقدير الطبقات الرسمية، وواجهت ألفاً من ألوان الاستخفاف والاستهزاء"(٦٩).
وعلى الرغم من كل شيء قصد مونتسكيو إلى باريس ليرشف كؤوس