كتاب قصة الحضارة

نشاط الذهن - ٥ - مونتسكيو - ج: 36 - ص: 154

الشهرة في المجتمع وفي الصالونات. وفتحت له الأبواب مدام دي تنسان ومركيزة لمبرت ومركيزة ديناند. ولما كان قد ترك زوجته وراءه في لابريد فلم يكن من العسير أن يقع في شراك الغرام مع سيدات باريس. وتطلع إلى آفاق بعيدة، فتاقت نفسه إلى ماري آن دي يوربون أخت الدوق دي بوربون الذي أصبح رئيساً للوزارة في ١٧٢٣. ويروي من أنه ألف من أجلها شعراً منثوراً "معبد الحب" (١٧٢٥) عامراً بنشوة الوجد والهيام، وخفف من وطأة خلاعة هذا الشعر بادعائه أن القصيدة مترجمة عن اليونانية، ومن ثم حصل على ترخيص ملكي بطبعها. وبذل المساعي وبخاصة عن طريق مدام دي ري، لينضم إلى الأكاديمية، فاعترض الملك بأنه غير مقيم في باريس. فأسرع إلى بوردو وتخلى عن رياسته لبرلمانه، وانضم إلى مجمع الأربعين الخالدين (١٧٢٨).

وفي أبريل قام برحلة استغرقت ثلاثة أعوام زار فيها بعض أجزاء إيطاليا والنمسا والمجر وسويسرا وأراضي الراين وهولندة، وإنجلترا. التي قضى فيها ثمانية عشر شهراً (نوفمبر ١٧٢٩ - أغسطس ١٧٣١) وهناك عقد أواصر الصداقة مع تشسترفيلد وغيرهم من وجوه القوم، واختير عضواً في الجمعية الملكية في لندن، وانضم إلى البنائين الأحرار (الماسونية)، واستقبله الملك جورج الثاني والملكة كارولين، وحضر جلسات البرلمان، وأولع بما ظنه الدستور البريطاني. وعاد أدراجه إلى فرنسا شديد الإعجاب-مثل فولتير-بالحرية، ولكن ما لمسه من مشاكل الحكومة زاد من رصانته واتزانه. وآوى إلى لابريد، وحول متنزهه إلى حديقة إنجليزية، وتفرغ-فيما عدا زيارات طارئة إلى باريس-لأبحاثه وكتاباته التي شغلت بقية أيام حياته.

ب- لماذا سقطت روما

في ١٧٣٤ أصدر مونتسكيو، دون توقيع، ولكن معترف به عند الجمهور، "نظرات في أسباب عظمة الرومان وسقوطهم". وكان قد دفع بالمخطوطة إلى عالم يسوعي، ووافق على حذف ما يمكن أن يثير ريب الكنيسة. ولكن الكتاب لم يجد، وما كان له أن يجد النجاح الذي صادفته