جوتشيد بالنظام والقواعد، وأحسا أن الشعر يستمد قوته من قوى الوجدان والعاطفة الأعمق من العقل، وحتى في راسين يتفجر عالم من الانفعال والعنف خلال الشكل الكلاسيكي. وأكد بودمير أن "أفضل الكتابات ليس ثمرة القواعد … فالقواعد تشتق من الكتابات"(١٠).
أما كرستيان جيلليرت، الذي فاق جميع الكتاب الألمان شعبية، فقد وافق بودمير، وبويتنجر، ويسكال، على أن الوجدان هو لب الفكر وروح الشعر. وكان جديرا باسم المسيحي (كرستيان) إذ بلغ من احترام الناس له لنقاء حياته ورقة سلوكه أن الملوك والأمراء كانوا يختلفون إلى محاضراته في الفلسفة والأخلاق بجامعة ليبزج، وأن النساء كن يأتين ليلثمن يديه. وكان رجلا ذا عاطفة لا يخجل من الجهر بها، ناح على القتلى في معركة روسباخ بدلا من أن يحتفل بانتصار فردريك فيها، ومع ذلك فإن فردريك، أعظم رجل واقعي في ذلك العصر، وصفه بأنه "أكثر العلماء الألمان معقولية"(١١). على أن فردريك آثر عليه في أغلب الظن إيفالد مرسيان فون كلايست، الشاعر الشاب الفحل الذي بذل حياته لأجله في معركة كونرسدورف (١٧٥٩) وكان رأى الملك في الأدب الألماني قاسيا ولكنه مشوب بالأمل: "ليس لدينا كتاب مجيدون على الإطلاق، ولعلهم يظهرون حين أكون سائرا في فراديس النعيم … ستسخر مني لاهتمامي بتوصيل بعض المفاهيم عن الذوق وبعض "الملح" الكلاسيكي لأمة لم تعرف إلى لآن شيئا غير الطعام والشراب والقتال (١٢) وكان كانت، وكلويشتوك، وفيلاند، ولستج، وهردر، وشيلر، وجيته- كان هؤلاء جميعا قد ولدوا في هذه الأثناء.
وثمة ألماني من أهل ذلك العهد كسب تعاطف فردريك الفعال وهو كرستيان فون فولف، وكان ابن دباغ ارتقى إلى منصب الأستاذية في جامعة هاللي. وقد اتخذ المعركة كلها موضوعا لتخصصه، فحاول أن يصنفها على أساس فلسفة ليبنتس. ومع أن مدام دشاتليه وصفته بأنه "ثرثار كبير"، فإنه التزم بأن يسترشد بالعقل، وبطريقته المتعثرة بدأ التنوير