للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الألماني ( Aufklarung) وحطم السوابق بتدريس العلوم والفلسفة بالألمانية. ومجرد إيراد قائمة بكتبه السبعة والستين كفيل بأن يعطل مسيرنا. وقد بدأ برسالة من أربعة مجلدات عن "جميع العلوم الرياضية" (١٧١٠)، ثم ترجم هذه المجلدات إلى اللاتينية (١٧١٣) وأضاف إليها قاموسا رياضيا (١٧١٦) ييسر الانتقال إلى الألمانية. وواصل التأليف بسبعة كتب (١٧١٢ - ٢٥) في المنطق، والميتافزيقيا، والأخلاق، والسياسة، والفيزياء، والغائية، والأحياء، وكل عنوان منها تتصدره في جرأة هاتان الكلمتان "أفكار معقولة" وكأنه يرفع راية العقل فوق صارية. وإذ كان يهفو إلى جمهور قراء أوربي، فإنه غطى هذه المنطقة كلها بثماني رسائل لاتينية، كان أكثرها تأثيرا "علم النفس التجريبي" (١٧٣٢)، و"علم النفس العقلاني" (١٧٣٤) و"اللاهوت الطبيعي" (١٧٣٦). وبعد أن خرج حيا من كل هذه المآزق ارتاد فلسفة القانون (١٧٤٠ - ٤٩)، ولكي يتوج هذا الصرح كتب ترجمة لحياته.

وسير أسلوبه المدرسي المنتظم يجعل من الصعب قراءته في عصرنا المحموم. ولكنه كان بين الحين والحين يلمس مناطق حية. من ذلك أنه رفض ما ذهب إليه لوك من اشتقاق المعرفة كلها من الإحساس، وكانت نظرياته معبراً بين ليبنتس وكانت لأنه أصر على الدور النشيط الذي يؤديه العقل في تكوين الأفكار. فالجسم والعقل، والحركة والفكرة، عمليتان متوازيتان، لا تؤثر إحداهما في الآخرة. والعالم الخارجي يعمل آلياً، وهو يبدي دلائل كثيرة على الخطة ذات القصد، ولكن ليس فيه معجزات وحتى عمليات العقل خاضعة لحتمية العلة والمعلول. أما الأخلاق فينبغي أن تلتمس ناموساً خلقياً مستقلا عن العقيدة الدينية، وعليها ألا تعتمد على الله لتخويف البشر حتى يلتزموا الفضيلة. وأما وظيفة الدولة فليست السيطرة على الفرد بل توسيع الفرص لنموه (١٣). وهو يطري الأخلاق عند كونفوشيوس بوجه خاص، لأنها لم تقم الفضيلة على الوحي فوق الطبيعي بل على العقل البشري (١٤). "إن قدامى أباطرة الصين وملوكها كانوا قوما ذوي ميل فلسفي وبفضل عنايتهم أصبح نظام حكومتهم خير النظم جميعا" (١٥).