وجد تحت إمرته قوة الرجال مهيأة للخدع الحربية والغنائم، متجاهلة في لحظة كل دروس السلام التي تعلمها الأمير من الفلسفة.
ب- فرتز الصغير
كان "جاويش تدريب الأمة البروسية العظيم"(كما وصف كارليل فردريك وليم الأول)(٢٨)، أباً لعشرة أطفال أكبرهم فلهلمينا. والمذكرات التي خلفتها عند وفاتها (١٧٥٨) هي أكثر مصادرنا مباشرة ووثوقاً عن تاريخ أخيها الباكر. وربما أسهبت بتركيز انتقائي في ذكر قسوة مربيتها، وأنانية أمها الجافية، ووحشية أبيها، وأوامره الاستبدادية في أمر زواجها، ومعاملته الصارمة للفتى فرتز الذي أحبته مفخرة وعزاء لحياتها (٢٩). قالت "لم يوجد حب نظير حبنا الواحد للآخر لقد أحببت أخي حباً جماً وحاولت على الدوام أن أدخل السرور على قلبه"(٣٠).
وكان فردريك، المولود في ٢٤ يناير ١٧١٢، يصغرها بثلاثة أعوام. ولم يرضى عنه أبوه ولا أمه. قد جهدا ليصنعا منه قائداً وملكاً، أما هو فأبدى كل إمارة على أنه سيصبح شاعراً وموسيقياً. وبين أيدينا التعليمات التي أعطاها فردريك وليم لمعلمي ولده. قال:
"اغرسوا في ولدي ما يجب من محبة الله وخشيته باعتبارهما الأساس والركن الركين لخيرنا الزمني والأبدي. فلا تذكروا على مسمعه أبداً أي أديان زائفة أو مذاهب إلحادية، أو أريوسية، أو سوسينية، أو ما شاكل ذلك من أسماء لهذه السموم التي تستطيع إفساد العقل الحدث بسهولة كبيرة (وقد أصبح فردريك كل هؤلاء). ومن ناحية أخرى يجب أن يعلم ما يجب من استنكار للبابوية وبصر بما تفتقر إليه من أساس وما فيها من سخف …
وليتعلم الأمير الفرنسية والألمانية … دون اللاتينية … وعلموه الحساب، والرياضة، والمدفعية، والاقتصاد، بتعمق … والتاريخ على الأخص … وكلما شب زيدوه علماً بالتحصينات، وتشكيل المعسكر، وغير ذلك من علوم الحرب، ولكي يدرب الأمير منذ صباه على أن يعمل ضابطاً وقائداً … اغرسوا في ولدي الحب الصادق لمهنة الجندي. وأقنعوه