يغني ويصف ما بين الفاونيا وحبيبته يانج من تنافس فقال:
في أثوابها جلال الغمام السابح،
وفي وجهها سنا الزهرة الناضرة.
أيها الطيف السماوي يا من لا يكون إلا في العلا
فوق قلة جبل الجواهر
أو في قصر البلور المسحور حين يرتفع القمر في السماء!
على أنني أشهد هاهنا في روضة الأرض-
حيث يهب نسيم الربيع العليل على الأسوار،
وتتلألأ نقاط الندى الكبيرة …
لقد هزم حنين الحب الذي لا آخر له
والذي حملته إلى القلب أجنحة الربيع.
ترى من ذا الذي لا يسره أن يكون هو الذي تغنى فيه هذه الأغنية؟ لكن الملكة أدخل في روعها أن الشاعر قد عرض بها أغنيته تعريضاً بها خفياً، فأخذت من هذه اللحظة تدس له عند الملك وتبعث الريبة في قلبه. وما زالت به تقلبه بين الذروة والغارب حتى أهدى لي- بو كيساً به نقود وصرفه. فأخذ الشاعر يهيم في الطرقات مرة أخرى يسلي نفسه باحتساء الخمر، "وانضم إلى الثمانية الخالدين أصحاب الكأس"، الذين كان شرابهم على لسان الناس في شانجان. وكان يرى رأي ليو لنج القائل إنه يحسن بالإنسان أن يسير وفي صحبته على الدوام خادمان يحمل أحدهما خمراً ويحمل الآخر مجرفاً يستعين به على دفنه حيث يخر صريعاً "لأن شئون الناس" كما يقول ليو "ليست إلا طحالب في نهر"(٤٦). وكأنما أراد شعراء الصين أن يكفروا عن تزمت الفلسفة الصينية، فأطلقوا لأنفسهم العنان. وفي ذلك يقول لي بو: "لقد أفرغنا مائة إبريق من الخمر لنغسل بها