"من كان يعتقد هناك شعباً يبزنا فيما يتبعه من مبادئ الحياة المدنية؟ فهذا الذي نراه في حالة الصينيين … في الخلاق والسياسة. فمحال أن نصف الجمال الذي وجهت به كل الأشياء في قوانين الصينيين لتحقيق الطمأنينة والسلام أكثر من توجيهها في قوانين الشعوب الأخرى … ويخيل إلى أن الوضع في شئوننا قد بلغ من السوء-بسبب انتشار الفساد بيننا بغير حدود-مبلغاً يكاد يكون فيه من الضروري أن يبعث إلينا مرسلون صينيون ليعلمونا فائدة الدين الطبيعي وممارسته، تماماً كما نبعث إليهم بالمرسلين ليعلموهم الدين السماوي. لذلك أعتقد أنه لو اختير حكيم ليصدر حكمه … في فوق الشعوب، لأعطى قصب السبق للشعب الصيني -اللهم إلا في تمايزنا عليه بشيء سام واحد ولكه فوق الطبيعة البشرية، وأعني به العطية إلهية التي وهبناها، وهي الدين المسيحي. "(٢٩)
وحث ليبنتز أكديمات أوربا على جمع المعلومات عن الصين، وساعد في إقناع الحكومة الفرنسية بإرسال العلماء اليسوعيين الأكفاء للانضمام إلى البعثة في الصين وتقديم التقارير الواقعية. وفي ١٧٣٢ لخص جان باتيست دوهالد هذه التقارير من المعلومات في كتابه "وصف … إمبراطورية الصين"، وبعد عام ترجم الكتاب إلى الإنجليزية، فكان له في فرنسا وإنجلترا تأثير بعيد المدى. وكان دوهالد أول من أذاع شهرة الفيلسوف الصيني مينسيوس في أوربا. وما انتصف القرن الثامن عشر حتى كان كتاب بوسويه في "تاريخ العالم" قد غص من قدرة ذلك الكشف عن حضارات قديمة، واسعة، مستنيرة، كاد تاريخه "العالمي" يغفلها تماماً، وأصبح الطريق ممهداً لمنظور فولتير الأوسع عن قصة الحضارة.
وظهرت نتائج هذه المبالغات الحماسية في التقاليد والفنون والعادات والآداب والفلسفة الأوربية. ففي ١٧٣٩ نشر المركيز دارجنس سلسلة من "الرسائل الصينية" بقلم صيني وهمي، انتقد فيها النظم والعادات الأوربية، وفي ١٧٥٧ أضحك هوراس ولبول إنجلترا بكتابه "رسالة من الفيلسوف الصيني كسوهو"، وفي ١٧٦٠ لجأ جولدسمث إلى نفس الحيلة في كتابه "مواطن العالم". وحين كان الإمبراطور جوزيف الثاني يحرث بنفسه قطعة