للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدوبارة أو خيط القنب المتين بدلا من القضيب أن يوصل الكهرباء لمسافة ٧٦٥ قدماً. فلما استخدم الشعر، أو الحرير، أو الراتنج، أو الزجاج، في الربط انعدام التوصيل؛ وهكذا لاحظ جراي الفرق بين الأجسام الموصلة وغير الموصلة، واكتشف أن الأجسام غير الموصلة يمكن استعمالها لحفظ الشحنات الكهربائية أو تخزينها. فلما علق ٦٦٦ قدماً من الدوبارة الموصلة من سلسلة طويلة من الأعمدة المائلة، وأرسل "القوة أو الفضيلة" الكهربائية (كما سماها) خلال تلك المسافة، كان في الواقع سباقاً إلى ابتكار التلغراف.

وتبنت فرنسا البحث، فواصل جان ديزاجولييه (١٧٣٦) تجارب جراي، وقسم المواد إلى موصلة وغير موصلة (سماها "كهربات قائمة بذاتها") ووجد أن هذه يمكن تغييرها إلى موصلات ببلها بالماء. وأجرى شارل روفيه أبحاثاً أنهاها إلى أكاديمية العلوم في ١٧٣٣ - ٣٧. وفي رسالة متواضعة إلى جمعية لندن الملكية (١٧٣٤) صاغ أهم استنتاجاته على النحو الآتي:

"لقد ألقت الصدفة في طريقي بمبدأ آخر … وهو أن هناك كهربائين متميزين، تختلفان الواحدة عن الأخرى اختلافاً كبيراً، أسمى إحداهما "الكهرباء الزجاجية" والأخرى "الكهرباء الراتنجية" والأولى هي كهرباء الزجاج، والبلور الصخري، والأحجار الكريمة، وشعر الحيوان والصوف، وأجسام كثيرة أخرى. والثانية كهرباء العنبر، والكوبال، والجملكة، والحرير، والخيط، والورق، وعدد هائل من المواد الأخرى. وطبيعة هاتين الكهربائين هي أن جسما من نوع الكهرباء الزجاجية … يصد كل الأجسام التي من هذا النوع من الكهرباء، وبالعكس يجذب كل الأجسام التي من نوع الكهرباء الراتنجية (١٧).

إذن فإن جسمين مكهربين بالتماس مع نفس الجسم المكهرب يصد إحداهما الآخر وهو ما اكتشفه دوفيه، ويستطيع كل تلميذ أن يتذكر دهشته حين رأى كرتي بلسان معلقتين بواسطة مادتين غير موصلتين من نفس النقطة وموضوعتين بحيث تمس الواحدة منهما الأخرى، تنتقصان فجأة مبتعدتين الواحدة عن الأخرى حين يلمسها نفس القضيب الزجاجي المكهرب. وأظهرت تجارب لاحقة أن الأجسام "الزجاجية" قد تكتسب كهرباء راتنجية"، وأن الأجسام "الراتنجية" قد تكتسب كهرباء"زجاجية"