للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لابلاس كانت له لحظاته المتواضعة. ففي كتابه "نظرية تحليلية للاحتمالات"، (١٨١٢) - وهي الأساس لكل ما جد بعد ذلك من عمل في هذا الميدان- جرد العلم من كل يقينيه فقال:

إذا توخينا الدقة في التعبير قلنا إن معرفتنا كلها تقريباً غير يقينية؛ وفي الأشياء التي نستطيع معرفتها يقيناً، حتى في العلوم الرياضية ذاتها، يقوم الاستنباط والقياس على الاحتمالات، وهما أهم السبل للكشف عن الحقية (٦٧) (١) وكان للابلاس إسهامات نوعية، بالإضافة إلى صياغته الخطيرة الأثر للكشوف والفروض الفلكية المعروفة إلى وقته. فقد أنار كل فرع تقريباً من فروع الفيزياء بـ "معادلات لابلاس" عن "الجهد" التي يسرت التأكد من شدة الطاقة، أو سرعة الحركة، في أي نقطة في ميدان خطوط القوة. وحسب البيضية الديناميكية للأرض من تقلبات القمر التي كانت تعزي لشكل الكرة المفرطح، ووضع نظرية تحليلية للمد والجزر، واستنبط كتلة القمر من ظواهرهما. وابتكر طريقة محسنة لتحديد مدار المذنبات؛ واكتشف العلاقات العددية بين حركات أقمار المشتري. وحسب بدقته المعهودة السرعة "القرنية" المتوسطة حركة القمر. وأرست دراساته للقمر الأساس للجداول المحسنة لحركات القمر، التي وضعها تلميذه جان شارل بوركهارت عام ١٨١٢. وأخيراً ارتفع من العلم إلى الفلسفة- من المعرفة إلى الحكمة- في فيض من البلاغة جدير ببوفون:

"إن الفلك بحكم جلال موضوعه وكمال نظرياته، هو أبدع صرح من صروح الروح البشرية، وأنبل شهادة على الذكاء البشري. فالإنسان الذي أضلته أنانيته وأوهام حواسه ظل طويلا يعتبر نفسه المركز في حركات النجوم، وقد لقي غروره الكاذب عقاباً من الأهوال التي أوحت بها هذه النجوم.


(١) إن برهان لابلاس، حتى في الميكانيكا القديمة (النيوتنية) عن ثبات المجموعة الشمسية، لم يعد حاسما … فهو لم يعط جوابا دقيقا. فلوريان كاجوري عن كتاب نيوتن. Mathematical Principles of Natural Philosophy,p,٦٧٨.