آخرون يحتفظون بندوب كريهة لهذا المرض القاسي تلازمهم مدى الحياة" (١٨) وبين عامي ١٧١٢ و١٧١٥ مات بالجدري ثلاثة من ورثة العرش الفرنسي. وقد ذهب الأمير دلين إلى أن ٢٠٠. ٠٠٠ من نزلاء أديرة النساء والرجال لجئوا إليها هربا من ذل التشوه الذي أصابهم به الجدري (١٩). واستفحل المرض حتى بلغ درجة الوباء في باريس في ١٧١٩، وفي السويد في ١٧٤٩ - ٦٥، وفي فيينا في ١٧٦٣ و ١٧٦٧، وفي تسكانيا في ١٧٦٤، وفي لندن في ١٧٦٦ و ١٧٧٠.
وكانت الأوبئة الآن، بصفة عامة، أخف وطأة منها في القرون السابقة، ولكنها ظلت أحد الأخطار التي تهدد الحياة. وكانت أشد هولا في الريف منها في المدن، رغم ما في هذه من أحياء فقيرة مزدحمة، لأن الفلاحين كانوا أعجز من أن يدفعوا ثمن الرعاية الطبية. وقد قتلت أوبئة التيفوس، وحمى التيفود، واجدري، ثمانين ألف شخص في برتني في سنة واحدة (سنة ١٧٤١)(٢١). وفي ١٧٠٩ قضى الطاعون الدملي على ٣٠٠. ٠٠٠ شخص في بروسيا، وعاد ظهوره بشكل أخف في أوكرانيا في ١٧٣٧، وفي موسكو في ١٧٨٩ وكانت الحمى القرمزية، والملاريا ( mal aria أي الهواء الفاسد) والدوزنتاريا أمراضا شاسعة، لا سيما بين الطبقات الدنيا، حيث أعانها على الانتشار الافتقار إلى حفظ الصحة للعامة والصحة الشخصية. وأصيبت باريس، ودبلن، وأبردين، وتورجاو، وبرن، بأوبئة من حمى النفاس المعدية. أما الأنفلونزة، التي سماها الفرنسيون La grippe ( الالتصاق) فقد بلغت مرحلة الوباء في فترات مختلفة في إيطاليا، والسويد، وألمانيا. وكانت بين الحين والحين تقضي إلى شلل الأطفال، كما حدث للصبي الذي أصبح فيما بعد السر ولتر سكوت. وأشرف الالتهاب الرئوي، والدفتريا، والحمرة، أحياناً على مستوى الأوبئة. وكان السعال الديكي، الذي يبدو الآن قليل الشأن، واسع الانتشار وخطراً، لا سيما في شمالي أوربا، ففي السويد مات به أربعون ألف طفل بين عامي ١٧٤٩و١٧٦٤. ووفدت الحمى الصفراء من أمريكا، وانتشرت حتى أصبحت وباء في لشبونة عام ١٧٢٣. وإلى هذه العلل وعشرات غيرها أضافت نساء الطبقات