للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد

يستقر جسم مريض في جسم سليم مثل بوب وسكارون، ولن يسلم محبو اللحوم النادرة أنهم لا يزالون في مرحلة الصيد. إن لامتري نفسه الذي كان كثير المزاح نشر نقداً مزعوماً لكتابه، في رسالة غفل من أسم المؤلف تحت عنوان "الإنسان أكثر من آلة" -وربما كان هذا وسيلة لجذب الأنظار إلى كتابه الأول.

ومن ناحية أخرى ربما كان لامتري متأثراً حقاً بالحجج التي تساق ضد المذهب الآلي، ونحن نعلم أنه كان مهتماً بشرح ترمبلي (١٧٤٤) للقوى التجديدية في الماء العذب لبعض الحيوانات المائية البسيطة، مما لم يتفق بسهولة مع النظرية الآلية. وكان جورج سقتال الذي اشتهر برأيه في وجود نارية في الأجسام، قد قلب في جرأة (١٧١٧) الفرضية الفسيولوجية، ذلك انه بدلاً من القول بأن الجسم هو الذي يحدد أفكار النفس واختياراتها، فإن النفس -وهي العنصر المتأصل النشط- هي التي تتحكم في نمو الأعضاء وعملها. وكان تيوفيل دي بوردو -طبيب دالمبير- يعتقد أن العمليات الفسيولوجية، حتى أبسط الهضم غير قابلة لتفسيرات آلية أو كيميائية بحتة (٦٣) وعرض جان بابتست روبينيه لحيوية كونية وهبت كل المادة الحياة والحساسية. وكان واضحاً أن لامتري يود أن يرتضي هذا الحل لمشكلة المادة بازاء الحياة.

وفي الوقت عينه أنتقل لامتري ليستنتج مذهباً قائماً على اللذة من فلسفته المادية. وفي كتب ثلاثة مستقلة -بحث في السعادة، واللذة، وفن الاستمتاع- أعلن أن حب الذات هو أسمى الفضائل، وأن اللذة الحسية هي أعظم الخير، وكره تحقير اللاهوتيين لملذات الحياة، ونازع في سمو المتعة العقلية المزعومة ورأى أن كل الملذات حسية حقاً. ومن ثم فإن البسطاء من الناس الذين لا يهتمون بالحياة الفكرية أسعد حالا من الفلاسفة، ويقول لامتري: لا يندمن أي إنسان على انغماسه في الملذات الحسية ما دامت لا تنطوي على أي ضرر للغير، ولا يجوز أن يعتبر أي إنسان مسؤولاً مسؤولية خلقية عن جرائمه لأنها نتاج الوراثة والبيئة اللتين لا سلطان له عليهما، وينبغي ألا