للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا البيان راود الأمل المحررين على مدى المجلدات الثمانية أن يستنتجوا فلسفة كاملة ديناً طبيعياً يهبط بالإله إلى مجرد دفعة ابتدائية أولى وإن يستنتجوا علم نفس طبيعياً يجعل الذهن وظيفة من وظائف الجسم، ومبادئ أخلاق طبيعية تحدد الفضيلة على أساس واجبات الإنسان نحو الإنسان لا نحو الله- وتضمن "المقال التمهيدي" هذا البرنامج في حرص وحذر.

ومن هذه المبادئ الأولى أنتقل دالمبير إلى استعراض تاريخ العلم والفلسفة وأمتدح الأقدمين، وأستنكر العصور الوسطى وأنتقص من قدرها، وهلل لعصر النهضة وأبتهج به:

لن نكون منصفين إذا لم نعترف بفضل إيطاليا علينا، فمنها تلقينا العلوم التي أنتجت فيما بعد ثماراً وفيرة في كل أوربا. ونحن مدينون لها فوق كل شيء بالفنون الجميلة والذوق الذي زودتنا منه بعدد كبير من نماذج لا تبارى أو تتعذر محاكاتها (٢٨).

وجاء أبطال الفكر الحديث ليتوجوا بأكاليل الغار:

يجدر أن يوضع على رأس قائمة الشخصيات اللامعة مستشاراً إنجلترا الخالد فرانسيس بيكون الذي تستحق أعماله بحق أن ندرسها حتى أكثر من أن نمتدحها. أننا حين نتأمل وندرس آراء ونظرات هذا الرجل العظيم الحكيمة الواسعة الأفق، والموضوعات الكثيرة التي أستعرضها في ذهنه، وجرأة أسلوبه التي جمعت في كل موضوع بين أروع الصور والانطباعات الذهنية وبين أعظم الدقة والأحكام. فإننا نميل إلى اعتباره أعظم الفلاسفة وأفصحهم وأشملهم وأوسعهم بحثاً (٢٩).

وأنتقل دالمبير ليبرز كيف أن عبقرية ديكارت العميقة الخصبة في الرياضيات قد عوقها في الفلسفة الاضطهاد الديني:

إن ديكارت على الأقل تجاسر فبين للأذهان اليقظة كيف تتحرر من نير السكولاسية والرأي والسيطرة- وصفوة القول من التحيز والتحامل