والوحشية. وبهذه الثورة التي نجني نحن ثمارها اليوم أدى ديكارت للفلسفة خدمة قد تكون أجل وأشق مما تدين به لخلفائه البارزين المشهورين. وقد نعتبره زعيم عصابة تعاهدت، وكان لها من الشجاعة ما قادت به ثورة ضد سلطة استبدادية. وأرسى بفضل تصميمه الأكيد المشجع الملهم أساس حكومة أعدل وأفضل ما كان يمكن أن يعيش ليراها قائمة، وإذ انتهى به التفكير إلى إيضاح كل شيء فإنه على الأقل بدأ بالشك في كل شيء. إن الأسلحة التي يجب استخدامها لمحاربته ليست على الرغم من ذلك أسلحته لأننا نصوبها إليه.
وبعد أن تحدث دالمبير عن نيوتن ولوك وليبنتز ختم حديثه بالإعراب عن إيمانه بالنتائج الطيبة للمعرفة التي تزكو وتنمو وتنتشر:"إن قرننا ليعتقد بأنه قد كتب عليه إن يغير القوانين في جميع المجالات (٣٠). ونشجع دالمبير بحرارة هذا الأمل فجعل من مقاله التمهيدي هذا تحفة من روائع النثر الفرنسي في القرن الثامن عشر. وشارك بيفون وموتتسكيو في الثناء على مقدمة الموسوعة في لغتنا فلسفة ومنطقاً وإشراقاً وأحكاماً ودقة (٣١).
ولم يكن المجلد الأول ضد الدين بشكل سافر. وكانت المقالات عن العقيدة والطقوس المسيحية تقليدية تقريباً. وأبرزت عدة مقالات بعض الصعوبات، ولكنها أختتمت كلها عادة باحترام مهيب للكنيسة. وكثيراً ما وجدت هرطقات مغلفة وهجمات عارضة على الخرافة والتعصب، ولكنها مستترة في مقالات واضح أنها كانت تعالج موضوعات بريئة مثل "حمل سكيزيا" أو النسر. من ذلك أن ما كتب عن حمل سكيزيا توسعوا فيه حتى صار بحثاً عن شواهد تركت الإيمان بالمعجزات في حالة يرثى لها. كما أن مادة "النسر" بعد مناقشة سذاجة الناس وسرعة تصديقهم انتهت بتهكم صريح:
"سعيد هذا الشعب الذي تطالبه ديانته ألا يؤمن إلا بالأشياء الحقيقية