المقدسة السامية الرفيعة الشأن، وألا يقتدى إلا بصالح الأعمال. ومثل هذه الديانة هي ديانتنا وهي التي فيها لا يتبع الفيلسوف إلا عقله حتى يصل إلى مذبحنا (٣٢) وفي شيء من المكر والدهاء كانوا يهاجمون الخرافات والأساطير هنا وهناك. وانبثقت روح من الإنسانية العقلانية.
وعلى الرغم من كل شيء أستقبل اليسوعيون هذا المجلد استقبالاً ودياً. وأعترض جويوم فرنسوا برتييه المحرر العالم المثقف لصحيفة تريفو في رقة وأدب على توكيد المقال التمهيدي على الفلاسفة المهرطقين، وأشار إلى بعض الأخطاء والانتحالات، وطالب بتشديد الرقابة على المجلدات التي ستصدر فيما بعد، ولكنه أثنى على الموسوعة مشروعاً عظيماً ضخماً جداً يمكن لمحرريه بحق بعد إنجازه أن يطبقوا على أنفسهم قول هوراس "لقد أقمت نصباً أبقى من النحاس".
ثم أضاف برتييه "ليس هناك من هو أكثر منا ميلا إلى تبين الخفايا الدقيقة في الموسوعة ولسوف نعرضها برفق في مقتطفاتنا القادمة (٣٣).
وثمة كاهن آخر لم يكن مترفقاً متساهلاً إلى مثل هذا الحد، وهو جان فرنسوا بوير أسقف ميربوا سابقاً الذي شكا المحررين إلى الملك بأنهم خدعوا الرقباء، فأرسله الملك لويس إلى مالشرب الذي كان قد أصبح كبير مراقبي المطبوعات، فوعد مالشرب بفحص المجلدات التالية بشكل أدق، ولكنه أثناء توليه مناصب حكومية أستخدم كل نفوذه لحماية الفلاسفة. وكان من حسن حظ الثائرين أن هذا المسيحي جويو دي مالشرب الذي كان قد أصبح متشككاً حين قرأ كتابات بيل والذي كان قد ألف كتاب "حرية الصحافة" هو الذي كان رقيب المطبوعات من ١٧٥٠ - ١٧٦٣ وهي أحرج فترة في حياة فولتير وديدرو وهلفشيوس وروسو. وكتب مالشرب "في القرن كان يستطيع فيه كل مواطن أن يتحدث إلى الأمة عن طريق الكتاب فإن هؤلاء الذين أوتوا المقدرة على تعليم الناس وتثقيفهم أو موهبة التأثير فيهم-وفي إيجاز رجال الأدب- وسط شعب مشتت يقومون بالدور الذي