وبناء على طلب الناشرين لزم ديدرو داره وواصل العمل في المجلد التاسع. وفي الوقت نفسه بذل مالشرب وآخرون غيره أقصى الجهد في تسكين غضب الحكومة.
وهنا-في صيف ١٧٥٩ ظهرت في باريس نشرة سرية غفل الاسم، تحت عنوان مذكرة إلى "فرانسوا شوميكس" وهي قطعة مملة عنيفة في موقف واحد، تهاجم في أقذع الإهانة والسباب، لا الحكومة والبرلمان واليسوعيين والجانسنيين وحدهم، بل هاجمت المسيح وأمه كذلك. وقال ديدرو "إن العمل منسوب إلينا بما يشبه الإجماع"(٤٨). وقصد إلى مالشرب وإلى مدير الشرطة وإلى المحامي العام للبرلكان وأقسم أنه لا علاقة له بتفجير الإلحاد في الشوارع على هذا النحو، وصدقه أصدقاؤه، ولكنهم نصحوه بمغادرة باريس فأبى الهروب، محتجاً فإن في الهروب اعترافاً بالذنب. وحذره مالشرب من أن الشرطة ستهاجم منزله وتصادر أوراقه، ومن ثم ينبغي إخفاؤها. فتساءل الثائر الحائر المنزعج "ولكن أين أخفيها؟ " وكيف يتسنى له في ساعات قلائل أن يوفق إلى مكان يخفي فيه كل هذه المادة التي جمعها؟ فقال مالشرب "أرسلها إلي أنا، لن يأتي أحد ليفتش عنها هنا"(٤٩). وفي الوقت نفسه عثر رجال الشرطة على طابعي النشرة المخزية، وانتهوا إلى أن ديدرو لم يكن له صلة بها، لم يصدر أمر بمصادرة أوراقه، وتنفس الصعداء ولكنه أشرف على الإصابة بانهيار عصبي، وصحبه صديقه الغني دي هولباخ لقضاء عطلة في بعض الأماكن القريبة من باريس. وكتب ديدرو "حملت معي إلى كل مكان قصدناه خطى مضطربة متعثرة ونفساً مكتئبة"(٥٠).
وعاد ديدرو إلى باريس، ووقع مع الناشرين عقداً جديداً لإعداد تسعة مجلدات إضافية من الموسوعة لقاء مبلغ ٢٥ ألف جنيه. وعرض دالمبير أن يستأنف مسئوليته عن مقالات الرياضيات، ووجه ديدرو إليه اللوم على تخليه عن العمل في وقت المحنة حين حمل عليه العدو، ولكنه قبل إسهامه