الكتاب سالف الذكر "التاريخ الفلسفي والسياسي" على الفور من شعبية فبيعت منه أربعون طبعة قبل ١٧٨٩ عدا طبعات لا تحصى مسروقة أو مترجمة وحظي الكتاب بتقدير فوانكلين وجيبون وروبرتسون. وأوحى هذه الكتاب إلى توسان لوفترتير Toussain L, Boaverturn بجملته المخلصة لتحرير العبيد (١٧٩١)، وذهب ناقد واسع الإطلاع إلى أنه كان لهذا الكتاب تأثير على الثورة الفرنسية أعظم حتى من تأثير كتاب روسو "العقد الاجتماعي (٧٨) ".
ودخل رينال باريس قسيساً فقيراً. وتكشف أسطورة عن طبيعة المرح والأبتهاج عند المتمردين، فتنسب نجاته من الموت جوعاً إلى أن الراهب بريفوست كان قد تلقى عشرين سو (عملة فرنسية قديمة قيمتها خمسة سنتيمات) ليقيم قداساً على روح أحد الموتى، وأن بريفرست أعطى الراهب دي لا بورت ١٥ سو ليقيم القداس بدلاً منه، وأن هذا الراهب الأخير نفخ رينال ثمانية ليقيم القداس بدلاً منه (٧٩). وابتهج رينال بالأكل على موائد هلفشيوس ودي هولباخ، وأثبت أنه جليس أنيس. ويبدو أنه حظي بمعونة كثير من المؤلفين فضلاً عن ديدرو في جميع مادة كتابه، بل حتى في تأليف بعض فصوله. أن روسو الذي تشاجر وتنازع مع كل الناس بلا استثناء وجد رينال مسالماً غير مشلكس، وقدم له الشكر في "اعترافاته" على وفائه بحق الصداقة وتقديره للمساعدة المالية (٨٠).
ولابد أن رينال قد جمع مالاً بطريقة ما، حيث قيل إنه رشا الرقيب للحصول على ترخيص بإصدار كتابه (٨١). أنه قضى عشرين عاماً يعمل جاهداً في إعداده، وفصل القول تفصيلاً في جشع الأوربيين وخيانتهم وعنفهم في معاملة السكان الأصليين في جزر الهند الشرقية، واستنكر هذا كله وحذر الرجل الأبيض من الانتقام الرهيب الذي قد تعمد إليه الأجناس الملونة إذا عادت إليها السلطة (٨٢). وكان الكتاب أول اتهام فرنسي للاستغلال الاستعماري، كما كان من أوائل الكتب التي أكدت على أهمية التجارة في تحديد التاريخ الحديث، وأسهم بطريقة عابرة في إضفاء المثالية على المواطنين