الأفكار لا الشخصيات وامتدح مواهب خصومه أو معارضيه (١٠). ومع ذلك فإنه دافع عن عدم التسامح الديني. واعتقاداً منه بأن المسيح ابن الله هو الذي أسس الكنيسة الكاثوليكية، رأى أنه من واجب المسيحي أن يحول بكل الوسائل السلمية دون انتشار الخطأ الديني .. ويجب حظر الدعاية المعادية للمسيحية في أية أمة مسيحية، لأنها تغرى بالسلوك غير الأخلاقي، وتسيء إلى استقرارية الدولة. ورأى أنه من الخطأ أن نخلط بين التعصب للكاثوليكية وبين التحمس للاضطهاد (١١)، ولكنه لم يعد بعدم مواصلة الاضطهاد. وفي سنة ١٧٥٩ رد الاتهام بالتعصب وعدم التسامح إلى الفلاسفة فقال: أيها الكفار، وأنتم تتهمونها بالتعصب الذي لا أثر له لدينا، على حين أن ما تضمرون من كراهية لديننا يبعث فيكم تعصباً لا يمكن تخيل إفراطكم الواضح فيه (١٢).
ولم يسلم برتييه بالحقيقة المطلقة للعقل وحتى على الأسس الحسية عند لوك، لا يستطيع العقل أن يصل إلا إلى الحواس، أما فيما وراء هذه الحدود، فهناك حقائق واقعة ينبغي أن تظل إلى الأبد أسراراً خفية في الأذهان المحدودة، من ثم فإن الفيلسوف الحق يحد من بحثه حين لا يمكنه تخطي هذه الحدود بشكل معقول (١٣). أن السعي لإخضاع الكون أو معتقدات الناس التقليدية والعامة لاختبار عقل فردي، ضرب من الغرور العقلي. والرجل المتواضع يقبل عقيدة بني جلدته إذا لم يستطع فهمها. وذهب برييه في بعض الأحيان إلى أن الكفار ينبذون الدين يتدخل في ملذاتهم، وتنبأ بأنه إذا سادت مثل هذه الإباحية، فلابد أن ينهار القانون الأخلاقي، ويطلق العنان للأهواء، وتختفي المدينة في حمأة الأنانية والشهوة والخداع الجريمة. إذا لم توجد الإدارة الحرة، فلابد وجود للمسئولية الأخلاقية. وحيث أن الحتمية لا تسلم بأي قانون يلزم الضمير، فإن الشخص المذنب الوحيد هو الشخص الذي لا ينجح (١٤). ومن ثم الفضيلة أو الأخلاق القويمة حينئذ مجرد حساب المنفعة، ولن يكون إحساس بالعدالة ليكبح