إن هذه الأرستقراطية الثانية المنظمة تنظيماً جيداً، الذرية اللسان كانت ترقى مدارج السلطة والسطوة بسرعة، وكانت متلهفة على تحدي سلطان رجال الدين. وفوق هذا كانت غالبية برلمان باريس من الجانسنيين. وعلى الرغم من كل القمع عاناه الجانسنيون فإن هذا المذهب المتشدد، وهو نتاج تشدد القديس بولص في مسيحية المسيح وهي أيسر وأخف، اجتذب قطاعات كبيرة من الطبقة الوسطى في فرنسا، وعلى الأخص تلك العقول القانونية التي أحست منطقه، ورأت فيه وقفة قوية ضد اليسوعيين. واتضح الآن بما لا يدع مجالاً للشك أن اليسوعيين هم الذين ألحوا على لويس الرابع عشر لتعقب الجانسنيين إلى حد تدمير بورت رويال تدميراً تاماً، وإكراههم الشديد على قبول المرسوم البابوي البغيض الذي جعل من الجانسنية هرطقة أنكى من الإلحاد. فهل تحين الفرصة للرد على هذا الإيذاء بمثله والانتقام لمثل هذا الاضطهاد!
مهيأ اليسوعيين لبرلمان باريس هذه الفرصة. إنهم لعدة أجيال مضت قد اشتغلوا بالتجارة والصناعة، وسيلة لتمويل معاهدهم اللاهوتية وكلياتهم وبعثاتهم التبشيرية وسياستهم. إنهم في روما احتكروا كثيراً من نواحي الإنتاج والحرف والصناعات. وفي آنجرز بفرنسا أسسوا مصنعاً لتكرير السكر (٥٢)، واحتفظوا بمراكز تجارية في كثير من الأراضي الأجنبية مثل جوا. وكانوا من أغنى المقاولين في مستعمرات أسبانيا والبرتغال في أمريكا (٥٣). وجأرت المشروعات الخاصة بالشكوى من هذه المنافسة. حتى أن الكاثوليك الأفاضل تعجبوا كيف أن طائفة نذرت نفسها للتقشف مثل اليسوعيين تجمع مثل هذه الثروة. وكان من أنشط رجال الأعمال عندهم الأب انطوان دي لا فالت Valette الرئيس الأعلى لليسوعيين في جزر الأنتيل الذي أدار باسم الجماعة مزارع واسعة في جزر الهند الغربية واستخدم آلافاً من مبالغ ضخمة من مصارف مرسليا، ولسداد هذا القرض