الجماعية، والعنف بين الحين والحين. ولم يكن مثل روسو الأعلى هو هذه الحياة المتخيلة التي سبقت المجتمعات (لأن المجتمع قد يكون قديماً قدم الإنسان)، بل مرحلة لاحقة من التطور عاش فيها الإنسان في أسر أبوية النظام وجماعات قبلية، ولم ينشئوا بعد نظام الملكية الخاصة "إن أقدم المجتمعات قاطبة، والمجتمع الطبيعي الوحيد، هو الأسرة (١١٦) ".
ذلك كان العصر الذي بلغت فيه سعادة البشر أقصاها. حقاً أنه لم يخل من عيوب، وآلام، وعقوبات، ولكنه خلا من القوانين، اللهم إلا السلطة الأبوية والنظام الأسري؛ "لقد كانت هذه الحالة في جملتها أفضل حالة يستطيع الإنسان ممارستها، فلم يكن ليعدل عنها لولا أن أصابه خطب فادح (١١٧). وهذا الخطب هو إقامة الملكية الفردية، وما نجم عن ذلك من تفرقة اقتصادية، وسياسية، واجتماعية، ومعظم شرور الحياة الحديثة.
"أن أول رجل سور قطعة من الأرض ث خطر له أن يقول "هذه ملكي" ووجد الناس من البساطة بحيث يصدقونه؛ هذا الرجل كان المؤسس الحقيقي للمجتمع المتمدن. ليت شعري كممن الجرائم، والحروب، والاغتيالات، كم من الفظائع والكوارث، لم يكن في استطاعة أي إنسان أن ينقذ البشرية منها باقتلاع الأوتاد المحددة للأرض أو ردم القناة المحيطة بها والصياح بإخوانه أن احذروا الاستماع إلى هذا النصاب، إنكم إن نسيتم أن ثمرات الأرض ملك لنا جميعاً، وأن الأرض ذاتها ليست ملكاً "لأحد، كان في ذلك هلاككم (١١٨) ".
ومن هذا الاغتصاب الذي سمح به الناس انبعثت لعنات الحضارة: كالانقسامات الطبيعية، والعبودية، ورق الأرض، والحسد، والسرقة، والحرب، والظلم القانوني، والفساد السياسي، والغش التجاري، والاختراعات، والعلم، والأدب، والفن، و"التقدم"-وبكلمة واحدة، الانحطاط. فلحماية الملكية الخاصة نظمت القوة ثم أصبحت هي الدولة، ولتيسير الحكم طور القانون لتعويد الضعفاء الإذعان للأقوياء