للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بولندا الكاثوليكي، ينظر إلى فردريك نظره إلى زنديق وقح جشع. فكيف السبيل إلى البقاء وسط هذا المرجل الذي يغلي بالعداء له؟

ليس إلا بالعقل الراجح، والاقتصاد، والجيش القوي، والقواد الأكفاء، أما عقله فقريع في حدة ذكاءه لأي عقل آخر؛ وهو أفضل حكام عصره تعليماً، وقد أثبت جدارته في رسائله وأحاديثه، وجدله مع فولتير. ولكن لسانه كان أحد من أن يسمح العقل بإطلاقه على الناس، ولعل أموره كانت تجري بأيسر مما جرت لو أنه لم يصف اليزافيتا بتروفنا، وماريا تريزا، ومدام دبومبادو، بأنهن "ثلاثة كبار عاهرات أوربا (١٢) "؛ ومن بواعث العزاء لنا أن نرى أنه حتى عظماء الرجال قد يسلكون مسلك الحمقى بين الحين والحين. أما عن اقتصاد بروسيا، فإن فردريك أخضعه لسيطرة الدولة ولما رآه ضرورات لا غنى عنها لحرب ممكنة. في هذه الظروف لم يجرؤ على تغيير الهيكل الإقطاعي للحياة البروسية مخافة أن يختل التنظيم الإقطاعي لجيشه. فلقد كان الجيش خلاصه ودينه. أنفق على صيانته تسعين في المائة من موارده (١٣) وسماه "أطلس" الذي حملت كتفاه القويتان الدولة (١٤). وزاده من ١٠٠. ٠٠٠ مقاتل خلفه له أبوه حتى بلغ به ١٥٠. ٠٠٠ في ١٧٥٦. ودربه بالعقوبات الصارمة على الطاعة الفورية الصارمة؛ وعلى السير في ثبات صوب الخط المواجه له دون أن يطلق طلقة حتى يصدر إليه الأمر، وعلى تغيير اتجاهه، والمناورة بكتلته كلها، وهو تحت نيران العدو. وكان على رأس الجيش في بداية الحرب خيرة القواد في أوربا بعد فردريك نفسه-شفيرين، وسيدلتز، وجيمس كيث.

ولم يكن أقل من قواده أهمية أولئك الجواسيس الذين بثهم بين أعدائه ولم يترك له جواسيسه شكاً في أن ماريا تريزا تؤلف حوله نطاقاً من القوى المعادية. وفي ١٧٥٣ - ١٧٥٥ حصل جواسيسه في درسدن ووارسو على نسخ من رسائل سرية تبادلتها الوزارتان السكسونية والنمساوية، أقنعته بأن هذين البلاطين يأتمران للهجوم على بروسيا وتقطيع أوصالها إن حالفهما الحظ