ثم عادت بها إلى وطنها، ولم تعد مدام جوفران قط بعدها إلى سابق تيقظها ومرحها. وراحت الآن تجدد حرصها على العبادة الكاثوليكية، وهي التي أعربت من قبل عن أفكارها الحياة بعد الموت (٩١)، وأحالت الدين محبة وبراً بالناس. وقد وصف مارمونتيل تقواها الغريبة فقال: -
"لكي ترضى السماء دون أن تغضب مجتمعها، ألفت العكوف على لون من العبادة المستورة. فتذهب إلى القداس سراً كما يذهب غيرها إلى مؤامرة، ولها شقة في دير .... ومقعد خاص في كنيسة الكبوشيين تتكتم أمرها كما تتكتم النساء العاشقات في تلك الأيام عش غرامهن (٩٢) ".
وفي سنة ١٧٧٦ أعلنت الكنيسة الكاثوليكية يوبيلاً يتلقى في كل من يزورون كنائس معينة في أوقات مقررة الحل والغفران. وفي ١١ مارس حضرت مدام جوفران صلاة طويلة في كاتدرائية نوتردام. وعقب وصولها إلى بيتها أصابتها نوبة فالج. وغضب جماعة الفلاسفة لأن مرضها جاء عقب قيامها بالعبادة، وعلق الأبيه موريلليه تعليقاً لاذعاً "لقد أكدت بالقدوة صدق القول المأثور الذي كثيراً ما رددته "أن المرء لا يموت إلا بفعل من أفعال العبادة (٩٣) ". وتكلفت ابنتها المركيزة دلافرتيه-يامبو بأمها المريضة، وحذرت الفلاسفة من زيارتها. ولم تقع عينا المدام ثانية على دالامبير ولا موريلليه، ولكنها رتبت زيادة في المعاشات التي كانت تجريها عليها بعد موتها. وامتد بها الأجل عاماً آخر، مشلولة عاجزة، ولكنها ظلت توزع صدقاتها إلى النهاية.
ب - مدام دو دفان
كان هناك صالون واحد في أوربا يستطيع صالون مدام جوفران شهرة ومريدين وقد سبق أن درسنا سيرة وخلق ماري ديفيشي-شامرون: وكيف وأنها وهي صبية أفزعت الراهبات والقساوسة بحرية فكرها، وكيف تزوجت المركيز دو دفان، وهجرته، والتمست السلوى لوحدتها في صالون (١٧٣٩ وما بعدها)، بشارع بون أولاً، ثم (١٧٤٧) بدير سان جوزيف