للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بشارع سان دومنيك. وروع هذا الموقع الجديد الذي اختارته لصالونها جماعة الفلاسفة الذين كانوا يأتون ليستمتعوا بنبيذها وظرفها، إلا واحداً منهم هو دالامبير، الذي ظل يتردد عليه لأنه كان أقل أفراد هذه القبيلة مشاغبة وعدواناً. أما باقي الرواد فكانوا رجالاً ونساءً من الطبقة الأرستقراطية، يميلون إلى التعالي على مدام جوفران لأنها برجوازية. وحين كف بصر المركيزة وهي في السابعة والخمسين (١٧٥٤) واصل أصدقاؤها الاختلاف إلى حفلات عشائها. ولكنها خلال باقي الأسبوع أحست وقع الوحدة في جزع متزايد، إلى أن أقنعت ابنة أخيها بالإقامة معها، والقيام بدور المضيفة المساعدة في أمسيتها.

وكانت جولي دليسبناس الابنة غير الشرعية للكونتيسة دالبون وجسبار دفيشي، أخي مدام دو دفان، واعترفت الكونتيسة بها، وربتها مع أطفالها الآخرين، وأتاحت لها تعليماً ممتازاً، وحاولت إقرار شرعيتها، ولكن إحدى بناتها اعترضت فأخفقت المحاولة. وفي ١٧٣٩ تزوجت هذه الأخت غير الشقيقة من جسبار دفيشي وذهبت لتعيش معه في قصر شامبرون الريفي ببرجنديا. وفي ١٧٤٨ كانت الكونتيسة بعد أن أوصت بمعاش سنوي قدره ثلاثمائة جنيه لجولي البالغة آنذاك السادسة عشرة. وأخذت مدام دفيشي جولي إلى شامبرون، ولكنها عاملتها على أنها فتاة يتيمة غير شرعية تستخدمها مربية للأطفال. فلما زارت مدام دو دفان شامبرون راعها ما آنسته في الآنسة دليسبيناس من عقل نير وسلوك مهذب، وكسبت ثقة الفتاة، وعلمت أنها تشقى في وضعها الراهن شقاء حملها على أن تدخل ديراً. واقترحت المركيزة أن تأتي جولي وتعيش معها باريس. واعترضت الأسرة مخافة أن ترتب دو دفان تقرير شرعية جولي فيخول لها هذا حقاً في نصيب من تركة ألبون. ولكن المركيزة وعدت بأنها لن تسيء إلى أقربائها بعمل كهذا. ودخلت جولي أثناء ذلك ديراً (أكتوبر ١٧٥٢) لا كراهبة مبتدئة بل كتلميذة في القسم الداخلي. وجددت المركيزة اقتراحها. ووافقت جولي بعد عام من التردد. وفي ١٣ فبراير ١٧٥٤ أرسلت لها المركيزة رسالة غريبة يجب أن نتذكرها ونحن نحكم على ما تلاها:

"سأقدمك على أنك شابة من إقليمي تريدين دخول دير، وسأقول إنني