وكان غله يصدم أصدقاءه القدامى ويخلق له أعداء جدداً. قال "إني أعرف كيف أكره لأنني أعرف كيف أحب"(١٠٩). "إنني بحكم طالعي أميل قليلاً إلى الأذى"(١١٠)؛ وهكذا حرك كل كتائبه بنجاح ليهزم ترشيح دي روس للأكاديمية (١٧٧٠). وقد لخص الأمر بمزيج من خلق دارتنيان ورابليه:
"أما عن شخصي الضعيف، فإني أخوض الحرب آخر لحظة-ضد الجانسنيين، والمولنيين، والفريرونيين، والبومبنيانيين، اليمينيين واليساريين، والوعاظ، وجان-جاك روسو. أتلقى مائة طعنة وأردها مائتين، وأضحك .. حمداً لله! إنني أنظر إلى العالم كله كأنه مهزلة (فارص) تستحيل مأساة أحياناً، يستوي كل شيء آخر النهار، وسيظل كل شيء سواء في نهاية الأيام"(١١١).
وفي عدائه للسامية حول على شعب بأسره ذلك الغيظ الذي ولدته خصوماته مع بعض أفراده. ومن زاوية تلك الذكريات فسر فولتير تاريخ اليهود، فسجل عليهم أخطاؤهم بتدقيق وتفصيل، وندر أن برأهم لعدم كفاية الأدلة على إدانتها. ولم يستطيع أن يغتفر لليهود إنجابهم المسيحية. "حين رأى المسيحيين يلعنون اليهود يخيل إلى أنني أرى أبناء يضربون آبائهم"(١١٢). ولم يكد يتبين في العهد القديم شيئاً سوى سجل للقتل، والفسق، والاغتيال بالجملة، ورأى في سفر الأمثال "مجموعة من الحكم التافهة، القذرة، والمهلهلة، المجردة من الذوق، أو للاختيار، أو الهدف"، أما نشيد الإنشاد فهو في نظره "قصيدة حماسية سخيفة"(١١٣). على أنه أثنى على اليهود لإنكارهم القديم للخلود، ولامتناعهم عن التبشير بعقائدهم، ولتسامحهم النسبي؛ فالصدوقيون أنكروا وجود الملائكة، ولكنهم لم يعانوا من أي اضطهاد بسبب هرطقتهم.
أكانت فضائله ترجح رذائله؛ أجل، حتى ولو لم نضع في الميزان صفاته العقلية مع صفاته الخلقية. فأمام شحه يجب أن نضع سخاءه، وأمام محبته للمال تقبله البشوش للخسائر واستعداده لاقتسام مكاسبه مع غيره. استمع إلى كولليني، الذي لا بد قد عرف عيوبه لأنه عمل سكرتيراً له سنين كثيرة: