رفض الزهد بما هو معهود فيه من تهكم موجع. فترى أومني يسأل البرهمي "أهناك أمل في أن يبلغ في النهاية السماء التاسعة عشرة؟ ".
ويجيب البرهمي "هذا يتوقف على نوع الحياة التي تحياها. إني أحاول أن أكون مواطناً صالحاً، وزوجاً صالحاً، وأباً صالحاً، وصديقاً صالحاً، وأحياناً أقرض المال بغير ربا للأغنياء، وأتصدق على الفقراء، وأحفظ السلام بين جيراني", فيسأل البرهمي "ولكن أتفرز المسامير أحياناً في عجزي؟ ".
"أبداً يا أبي المبجل"
ويجيب البرهمي "إذن فأنا آسف، لأنك لم تبلغ السماء التاسعة عشرة، ما في ذلك ريب"(١٢١).
أما فضيلة فولتير المتوجة لفضائله المكفرة عن سيئاته، فهي إنسانيته. لقد حرك ضمير أوربا بحملاته دفاعاً عن آل كالاس وسيرفنس. وشهر بالحرب باعتبارها "الوهم الكبير". "فالأمة الغالبة لا تفيد إطلاقاً من أسلاب الأمة المغلوبة؛ وهي تدفع ثمن كل شيء، وتعاني حين تنتصر جيوشها قد معاناتها حين تنهزم (١٢٢). وأياً كان الفريق المنتصر، فإن الإنسانية خاسرة على الحالتين". وقد ناشد الناس في شتى الظروف والأقطار أن يتذكروا أنهم أخوة؛ واستمع الناس إلى ذلك النداء بشكر وعرفان في مجاهل أفريقيا (١٢٣). كذلك لم تصدق عليه التهمة التي وجهها روسو للذين بشروا بحب البشر ووسعوا هذا الحب توسيعاً لم يترك فيه مكاناً لجيرانه؛ فكل الذين عرفوه تذكروا عطفه ومجاملته لأقل الأشخاص المحيطين به شأناً. كان يحترم كل نفس، عارفاً حساسيتها لأنه يعرف حساسيته (١٢٤). وقد واصل كرم ضيافته رغم ما فرض عليها من مطالب باهظة. كتبت مدام دجرافيني "كم تأثرت حين وجت فيك من الطيبة ما لا يقل عما فيك من العظمة، ورأيتك تفعل لكل من يحيطون بك الخير الذي كنت تود أن تفعله للبشرية جمعاء"(١٢٥). وكان أحياناً