الواقع (٩). وهذه هي الحالة على الأخص في الجمهوريات، لأن "طاعة القانون الذي نضعه لأنفسنا هي الحرية"(١٠).
الحكومة جهاز تنفيذي تفوض فيه الإرادة العامة مؤقتاً بعض سلطاتها. وينبغي أن تكون فكرتنا عن الدولة لا على أنها الحكومة فقط، بل الحكومة، والمواطنين، والإرادة العامة أو روح الجماعة. والدولة تكون جمهورية إذا حكمتها القوانين لا المراسيم الأوتقراطية، وبهذا المعنى يمكن حتى اعتبار الملكية جمهورية إذا حكمتها القوانين لا المراسيم الأوتقراطية، وبهذا المعنى يمكن حتى اعتبار الملكية جمهورية. أما إذا كانت الملكية مستبدة-أي إذا كان الملك يضع القوانين وينفذها-فليست هناك جمهورية أو دولة، بل طاغية يحكم عبيداً. ومن ثم رفض روسو الانضمام إلى أولئك الفلاسفة الذين امتدحوا "الاستبداد المستنير"-استبداد فردريك الثاني أو كاترين الثانية سبيلاً لدفع الحضارة والإصلاح قدماً. وكان رأيه إن الشعوب التي تعيش في أجواء قطبية أو مدارية قد تحتاج إلى الحكم المطلق حفاظاً على الحياة والنظام (١١)، أما في المناطق المعتدلة فيحسن المزج بين الأرستقراطية والديمقراطية. والأرستقراطية الوراثية "أسوأ الحكومات قاطبة"، والأرستقراطية الانتخابية أفضلها (١٢)، أي أن أفضل حكومة هي تلك التي تضع القوانين وتنفذها فيها أقلية من الرجال ينتخبون دورياً لتفوقهم الفكري والخلقي.
أما الديمقراطية بوصفها حكماً مباشراً بواسطة الشعب كله فقد بدت لروسو مستحيلة.
"لو أخذنا هذا اللفظ بمعناه الدقيق لم نجد قط ديمقراطية حقيقية، ولن توجد أبداً هذه الديمقراطية. فما يناقض النظام الطبيعي أن تكون الكثرة حاكمة والقلة محكومة. ومما لا يمكن تصوره أن يظل الناس مجتمعين بصفة مستمرة ليتفرغوا للشؤون العامة، وواضح أنهم لا يستطيعون إنشاء لجان لهذا الغرض دون تغيير في شكل الحكومة".
ثم كم من الظروف التي يصعب الجمع بينها تفترض لهذه الحكومة؟