مستكبرين، مجدفين .. غير طائعين لوالديهم متصلفين، محبين للذات، دون محبة الله … أناس فاسدة أذهانهم ومن وجهة الإيمان مرفوضون (٢٦)".
وهاهي قد جاءت تلك الأزمنة ما في ذلك شك:
"إن الكفر الذي تشجعه جميع الشهوات يلبس كل لبوس ليكيف نفسه على نحو ما وفق جميع الأعمار، والأشخاص والطبقات … فقد يستعير أسلوباً خفيفاً لطيفاً لعوباً، ومن هنا الحكايات الكثيرة التي تستوي بذاءة وزندقة (روايات فولتير)، وترفه عن الخيال لأنها غواية للعقل ومفسدة للقلب. وقد يدعي الرجوع إلى الأصول الأولى للمعرفة متظاهراً بعمق آرائه وسموها، ويزعم له سنداً إليها، لكي يخلع نيراً يقولون إنه يجلل البشر بالعار. وقد يعلوا صوته كأنه امرأة غضبى فيهاجم الغيرة الدينية، ومع ذلك يبشر بالتسامح الشامل بحماسة. وقد يمزج الجد بالهزل في جمعه بين هذه الأساليب الكلامية المختلفة، ويخلط الحكم بالفحش، والحقائق الكبيرة بالأخطاء الكبيرة، والإيمان بالتجديف، ويأخذ على عاتقه-باختصار-التوفيق بين النور والظلمة، وبين المسيح وبليعال" (٢٧).
وقال رئيس الأساقفة أن هذه الطريقة لجأ إليها إميل بصفة خاصة، فهو كتاب حفل بلغة الفلسفة دون أن يكون فلسفة حقاً، وطفح بنتف من المعرفة لم تثر المؤلف، وكل ما تفعله أنها تربك قراءه لا محالة. أنه رجلٌ مولع بمفارقات الآراء والسلوك، يجمع بين بساطة العادات وخيلاء الفكر، بين الحكم القديمة وجنون التجديد؛ وبين احتجاب عزلته ورغبته في أن تعرفه الدنيا بأسرها. إنه يندد بالعلوم، ثم يصادقها. إنه يمتدح روعة الإنجيل، ثم يدمر تعاليمه. لقد أقام نفسه معلماً للنوع الإنساني ليخدعه، ومرشداً للشعب ليضل العالم، ونبياً للقرن ليهدمه، فيالها من مغامرة (٢٨).
وهال رئيس الأساقفة ما أقترحه روسو من إغفال ذكر الله أو يدين لإميل حتى يبلغ الثانية عشرة أو حتى الثانية عشرة، فمعنى هذا أن "الطبيعة