للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتطريز وفنون الحياكة والترفيه. ومع ذلك نسمع عن نساء راقيات التعليم يدرن صالونات يتجاذبن فيها الأحاديث في يسر مع الكتاب والفنانين ورجال الأعمال. وفي بلرمو ترجمت "أنا جنتيلي" فولتير شعراً إيطالياً جيداً، ونشرت "الرسائل الفلسفية" التي دافعت فيها بجرأة عن أخلاقيات هلفتيوس غير القائمة على الدين. وفي ميلان سمع الرئيس دبروس ماريا جايتانا اجنيزي، البالغة من العمر عشرين عاماً، تحاضر باللاتينية في علم الوسائل (٤)، وقد درست اليونانية والعبرية والفرنسية والإنجليزية وكتبت في رسائل القطاعات المخروطية والهندسة التحليلية (٥)، وفي جامعة بولونيا كانت السنيورة ماتسوكيني تدرس التشريح، والسنيورة تامبروني تدرس اليونانية (٦). ومن تلك الجامعة ذاتها نالت لاورا باسي درجة الدكتوراه في الفلسفة ولما تتجاوز الحادية والعشرين (١٧٣٢)، وما لبثت أن ضربت بالعلم سهم وافر حتى عينت أستاذاً في الجامعة وحاضرت في "بصريات" نيوتن وألفت البحوث في الفيزياء، وأنجبت خلال ذلك لزوجها اثني عشر طفلاً قامت بنفسها على تربيتهم (٧).

وطلت الكثرة العظمى من الجنسين أمية دون أن ينالها من ذلك أي غضاضة أو ازدراء من المجتمع. فإذا ظهرت مخايل الذكاء والنضج على غلام في القرية وجد له القسيس عادة سبيلاً إلى التعليم. ذلك أن شتى الجماعات الدينية أسست المدارس في المدن. فكان لليسوعيين عدد كبير من الكليات في إيطاليا-ست في البندقية، وسبع في ميلان وست في جنوه، وعشر في بيدمونت، وتسع وعشرون في صقلية وكليات كثيرة في مملكة نابلي وفي الولايات البابوية. وقامت الجامعات في تورين وجنوه وميلان وبافيا زبيزا وفلورنسة وبولونيا وبادوا وروما ونابلي وبلرمو، وكلها تحت إشراف رجال الكنيسة الكاثوليك، ولكن الكليات ضمت الكثير من العلمانيين. وكان المعلمون والطلاب على حد سواء يحلفون اليمين بألا يعلموا أو يقرؤوا أو يقولوا أو يفعلوا شيئاً يخالف تعليم كنيسة روما. يقول كازانوفا "في بادوا كانت حكومة البندقية تدفع المرتبات الكبيرة لمشاهير الأساتذة، وتترك للطلاب كامل الحرية في الانتظام في حضور دروسهم ومحاضراتهم أو عدمه كما يشاءون" (٨).