ولقد كان استماع بعضنا لكونشرتو من تأليف فيفالدي أول مرة مفاجأة أشعرتنا بالخزي. فلم جهلناه طوال هذا الزمن؟ هنا انسياب جليل للنغم، وتموجات ضاحكة من اللحن، ووحدة في البناء وتماسك للأجزاء كان خليقاً بأن يكسب هذا الرجل مدخلاً أسبق من هذا إلى علمنا، ومكاناً أرفع في تواريخنا الموسيقية (١).
ولد حوالي ١٦٧٨ لعازف فيولينة في أوركسترا مصلى الدوجات بكاتدرائية القديس مرقص. وعلمه أبوه الفيولينة؛ وحصل له على وظيفة في الأوركسترا. وفي الخامسة عشرة كرس تكريساً مبدئياً للدين، وفي الخامسة والعشرين أصبح قسيساً ولقب "البريتي روسو" لحمرة شعره. ولعل ولعه بالموسيقى تعارض مع واجباته الكهنوتية. وقال الأعداء إنه "ذات يوم بينما كان فيفالدي يتلو القداس، خطر له موضوع يصلح لفوجه، وللتو غادر المذبح … وذهب إلى غرفة المقدسات والملابس ليدون الموضوع، ثم عاد ليكمل القداس (٤٤) ". واتهمه قاصد بابوي بأنه يحتفظ بعدة نساء، وأخيراً نهاه ديوان التفتيش (كما زعموا) عن تلاوة القداس. وقد روى انطونيو في سنوات لاحقة قصة تختلف عن هذه تمام الاختلاف. وقال:
"كانت آخر مرة تلوت فيها القداس منذ خمسة وعشرون عاماً، لا بسبب منعي من تلاوته … ولكن بناء على قرار مني اتخذته بسبب علة أرهقتني منذ ولادتي. فبعد أن رسمت قسيساً كنت أتلو القداس عاماً أو أكثر بقليل، ثم توقفت عن تلاوته لأن هذا المرض اضطرني ثلاث مرات إلى مغادرة المذبح دون أن أتمه.
(١) خصصت له طبعة ١٩٢٨ من "قاموس جروف للموسيقى والموسيقيين" عموداً واحداً وخصصت له طبعة ١٩٥٤ اثني عشر عموداً، وأحكم من هذا على الذيوع الفجائي لشهرة فيفالدي، فهل الشهرة نزوة من نزوات الصدفة؟