"ولهذا السبب ذاته أقضي وقتي كله تقريباً في بيتي ولا أبرحه إلا راكباً زورقاً أو عربة لأنني لم أعد قادراً على المشي بسبب حالة الصدر التي أعانيها، أو على الأصح شعور الضيق والتوتر في صدري ( Strettzza di Petto) وربما كانت هي (الربو) ولا يدعوني أي نبيل لبيته، لا ولا حتى أميرنا، لأن الجميع عليمون بمرضي، وقد كانت أسفاري دائماً غالية النفقة جداً لأنني كنت مضطراً دائماً أن أصحب معي أثناءها أربع نساء أو خمساً ليساعدنني. "ثم أضاف أن هؤلاء النسوة كن نقيات السيرة" يسلم الناس في كل مكان بعفتهن .. وكن يؤدين الصلاة كل يوم من أيام الأسبوع (٤٥)".
على أنه حتى لو شاء لما استطاع أن تغلب الخلاعة على خلقه لأن معهد الموسيقى الملحق بالملجأ الديني احتفظ به طوال سبعة وثلاثين عاماً عازفاً للفيولينة ومعلماً وملحناً أو رئيس للكورس. وقد لحن لتلميذه البنات معظم أعماله غير الأبورالية. وتكاثرت الطلبات عليه، ومن ثم كان يكتب في عجلة ثم يصحح فيما يتاح له من فراغ، وقد أخبر دبروس أن في استطاعته أن "يلحن الكونشرتو بأسرع مما يستطيع ناسخ أن ينسخه (٤٦) ". وبالمثل كانت أوبراته تلحن على عجل، وقد سجلت إحداها على صفحة الغلاف عبارة تشي بالفخر (أو الاعتذار) هي ( Fatto in Cinque Giorni) كتبت في خمسة أيام. وقد وفر الوقت كما وفره هندل بالاستعارة من نفسه، فأقتبس من موسيقاه القديمة ما يلبي حاجاته الحاضرة.
وفي فترات فراغه من عمله في الملجأ ألف أربعين أوبرا. واتفق كثير من معاصريه مع تارتيني على أنها متوسطة الجودة، وقد سخر منها بنديتو مارتشيللو في (تياترو على الموضة) ولكن جماهير النظارة في البندقية، وفتشنتسا، ومانتوا، وفلورنسة، وميلان، وفيينا، رحبوا به، وكثيراً ما كان فيفالدي يترك بناته ليسافر مع نسائه مخترقاً شمالي إيطاليا، بل حتى إلى فيينا وأمستردام ليعزف الفيولينة أو ليقود إحدى أوبراته أو ليشرف على إخراجها وديكورها. وأوبراته الآن ميتة، ولكن هذا مصير معظم