فثلثا الضروريات المادية تزودهما إنجلترا. وغدت إنجلترا السيد المتصرف في تجارتنا كلها، وكان الوكلاء الإنجليز يديرون تجارتنا الخارجية بجملتها .. فهم يملكون كل شحنات السفن المقلعة من لشبونة إلى البرازيل، ومن ثم يملكون الثروة العائدة بديلاً عن هذه الشحنات. فلم يكن شيء برتغالياً إلا بالاسم فقط (٣)".
ومع ذلك وصل إلى يد الحكومة البرتغالية من ذهب المستعمرات وفضتها وأحجارها الكريمة ما يكفي لتميل مصروفاتها ولجعل الملك مستقلاً عن مجلس الشعب وسلطانه الضريبي. وهكذا عاش يوحنا الخامس، طوال ملكه الذي امتد أربعة وأربعين عاماً، يرفل في رغد من العيش كأنه أحد سلاطين الشرق؛ ويلطف من تعدد نسائه بالثقافة ويجمله بالولاء للكنيسة. فوهب الأموال الطائلة أو أقرضها للبابوية، وتلقى نظير ذلك لقب "صاحب الجلالة العظيم الإيمان" بل نال حتى حق تلاوة القداس-دون حق تحويل الخبز والخمر إلى جسد المسيح ودمه. قال فردريك الأكبر "كانت لذاته في الوظائف الكهنوتية، ومبانيه أديرة، وجيوشه رهباناً وخليلاته راهبات (٤) ".
وأثرت الكنيسة بفضل هذا الملك الذي يدين لها بالكثير جداً من الغفرانات. فملكت نصف الأراضي (٥)، وشغل أتباعها تسعمائة دار دينية. وبلغ عدد الكنسيين من مختلف الرتب أو الملحقين بالمؤسسات الدينية زهاء ٢٠٠. ٠٠٠ في أمة تعد مليونين من الأنفس. وأختص اليسوعيون بمكان الصدارة المرموق سواء في أرض الوطن وفي المستعمرات، فلقد ساهموا في الفوز بالبرازيل للبرتغال، ولقي نفر منهم الترحيب في البلاط، وتمكن بعضهم التسلط على الملك. وكان الملك في موكب (عيد القربان) العظيم يحمل أعمدة المظلة التي حمل تحتها بطريرك لشبونة السر المقدس. فلما تعجب الإنجليز لمنظر طريق الموكب يصطف على جانبيه الجند والمصلون وكلهم عاري الرأس جاثٍ على ركبتيه، قيل لهم في تفسير هذا المشهد أن مثل هذه